يُسْراً} هو يجازيه بالحسنى ويعطيه المكافآت ويكرمه، وعندما يتساءل من يحب الثناء قائلاً: لماذا كرّم هذا؟ ويرى أسباب التكريم فيقول لنفسه لأصنعنَّ مثله كي أكرّم. ولذلك تجد الشباب يتهافت حتى يلعب بكرة القدم لماذا؟ لأنهم يجدون من يضع هدفاً في كرة القدم يكرّم، فيقول: أنا أريد أن أضع هدفاً.
هذا وإن ديننا الحنيف يدعونا إلى أن نشكر من قدم خيرا أو أسدى معروفا حفزاً للهمم وتشجيعا لبذل الطاقات وفي الأثر:«من لم يشكر الناس لم يشكر الله» إذن فحب الثناء من طبيعة الإنسان، ولكي تُغزى الناس بأن يعملوا لا بد أن تأتي لهم بأعمال تستوعب طاقاتهم المتعددة، أما إذا اقتصر إتقان العمل على من لا يحبون الثناء، فسنقلل الأيدي التي تفعل، ولذلك تجد العمل حيث توجد المكافأة التشجيعية التي يأخذها من يستحقها ويقابلها من التجريم والعقوبة لمن يهمل في عمله، فلا يمنح رئيس عمل مكافأة لمن عملوا على هواهم، بل عليه أن يمنحها لمن أدى عمله بإتقان. وحين يعلم الناس أنه لا يجازي بالخير ولا يكّرم بالقول إلا من فعل فعلاً حقيقياً فالكل يفعل فعلاً حقيقياً، لكن عندما تجد الناس أن المكافآت لا يأخذها أحد إلا بالتزلف وبالنفاق وبالأشياء غير المشروعة فسيفعلون ذلك، وهكذا تأتي الخيبة.
وهكذا تجد أن قوله الحق:{لاَ تَحْسَبَنَّ الذين يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ} .
إن هذا القول يضع أساساً ودستوراً إيمانياً لمطلق الحياة، وعلاقة الحاكم بالمحكومين وعلاقة الفرد بنفسه وبمن حوله. وعلاقة الإنسان بالعمل الصالح أو بالذنوب؛ فإن الإنسان إذا ما أتى ذنباً، فربما يكون قد نفَّس عن نفسه بارتكاب الذنب، لكن بعد ما تهدأ شِرّة المعصية يجب عليه أن ينتبه فيندم ولا يفرح.
هذه أول مرحلة. ولا يتمادى في ارتكاب الذنب، أما إذا تمادى وخلع على فعله النقيض وادّعى أنه قد أتى فعلاً حسناً حتى يناله مدح بدلاً من أن يناله ذم فذلك ذنب مركب، ويحشره الله ضمن من قال فيهم:{فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ العذاب} .
والمفازة هي المكان الذي يظن الإنسان أن فيه نجاته، أي أن في هذا المكان فوزاً