للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أكثر، ولهذا تحتاج المسألة إلى أن يتكاتف المجتمع كله على المصابرة، ولذلك جاء قول الحق سبحانه وتعالى: {والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر} [العصر: ١ - ٣] .

أي أنك إذا رأيت أخا من إخوانك المؤمنين يخور ويضعف في مصابرته فتحثه على المصابرة وقل له: إياك أن تخور، لماذا؟ لأن النفس البشرية من الأغيار، وقد يأتي لها حدث يقوى عليها، فالمؤمن الذي ليس عنده هذه الأغيار ينفخ بالعزيمة فيمن يخور فقال الحق: «تواصوا» ، ولم يقل: جماعة يوصون جماعة، لا. «فالتواصي» أن تكون أنت مرة موصِياً، ومرة مُوصىً، فساعة لا يكون عندك ضعف الأغيار فَوصِّ، وساعة يكون عندك ضعف الأغيار تُوَصىَّ، فكل واحد موصٍ في وقت، ومُوصىً في وقت آخر، ولا نتواصى هذه التوصية على الصبر إلا إذا كنا تواصينا أولا على الحق الذي من أجله نشأت المعركة بين صابر وصابر.

{يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ اصبروا وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ واتقوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وعرفنا الصبر، وعرفنا المصابرة، فما هو الرباط؟ هو أن تشعر عدوك بأنك مستعد دائما للقائه، هذا هو معنى الرباط. والحق يقول: {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخيل تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ الله وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: ٦٠] .

إنها خيل مربوطة للجهاد في سبيل الله مستعدة، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول: «خيركم ممسك بعنان فرسه كلما سمع هيعة طار إليها» .

أي أن نكون مستعدين قبل وقوع الهجوم، وساعة تأتي الأمور الداهمة ننطلق لمواجهتها. ولكن يكون استعدادنا من قبل الأمر الداهم، ولذلك حين يكون عدوك

<<  <  ج: ص:  >  >>