الدفاع عن أنفسهم. وعندما يسمعها عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - ينفعل ويقول لرسول الله: أي جمع هذا؟
وجاء الجمع في بدر وولَّى الدبر. حدث ذلك الإخبار في مكة، ووقعت الأحداث بعد الهجرة. وكانت الهجرة في الترتيب الزمني مستقبلاً بالنسبة لوجود المسلمين في مكة.
أكان من الممكن أن يقول سبحانه:{سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر} لولا أن ذلك سيحدث بالفعل؟
لو حدث غير ذلك لكذبه المؤمنون به.
إن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال ذلك إبلاغاً عن الله وهو واثق، ويطلقها الله على لسان رسوله حُجة فيمسكها الخصم، ثم يثبت صدقها لأن الذي قالها هو من يخلق الأحداث ويعلمها.
ويأتي في الوليد بن المغيرة وهو ضخم وفحل وله مهابة وصيت وسيد من سادة قريش، فيقول الحق:{سَنَسِمُهُ عَلَى الخرطوم}[القلم: ١٦] .
أي سنضربه بالسيف ضربة تجعل على أنفه علامة في أعلى منطقة فيه. ويأتي يوم بدر، فيجدون الضربة على أنف الوليد. لقد قالها الحق على لسان رسوله في زمن ماضٍ ويأتي بها الزمن المستقبل، وعندما تحدث هذه المسألة فالذين آمنوا بمحمد وبالقرآن الذي نزل على محمد يتأكدون من صدق رسول الله في كل شيء. ويأخذون الجزئية البسيطة ويرقُّونها فيصدقون ما يخبرهم به من أمر الدنيا والآخرة. ويقولون:
- إذا أخبرنا رسول الله بغيب يحدث في الآخرة فهو الصادق الأمين، ويأخذون من أحداث الدنيا الواقعة ما يكون دليلاً على صدق الأحداث في الآخرة.