تزويج أبناءٍ بنات العم ... فليس ينجو من ضَوَى وسُقْم ... فقد يضوي سليل الأقارب، وعندنا في الأحياء الشعبية عندما يمدحون واحداً يقولون:«فتوة» أي فتى لم تلده بنت عم قريبة. وفي النبات يقولون: إن كنت تزرع ذرة في محافظة الغربية لا بد أن تأتي بالتقاوى من محافظة الشرقية مثلا، وكذلك البطيخ الشيليان. يأتون ببذوره من أمريكا، فيزرعونها فيخرج البطيخ جميلاً لذيذا، بعض الناس قد يرفض شراء مثل تلك البذور لغلو ثمنها.
فيأخذ من بذور ما زرع ويجعل منه التقاوى، ويخرج المحصول ضعيفاً. لكن لو ظل يأتي به من الخارج وإن وصل ثمن الكيلو مبلغاً كبيراً فهو يأخذ محصولاً طيباً.
وكذلك في الحيوانات وكذلك فينا؛ ولذلك كان العربي يقول: ما دكّ رءوس الأبطال كابن الأعجمية؛ لأنه جاء من جنس آخر. أي أن هذا الرجل البطل أخذ الخصائص الكاملة في جنس آخر. فلقاح الخصائص الكاملة بالخصائص الكاملة يعطي الخصائص الأكمل، إذن فتحريم الحق سبحانه وتعالى زواج الأم والأخت وكافة المحارم وإن كانت عملية أدبية إلا أنها أيضاً عملية عضوية. {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} لماذا؟ لأن هذه الصلة صلة أصل، والصلة الأخرى صلى فرع، الأمهات صلة الأصل، والبنات صلة الفرع، {وأخواتكم} وهي صلة الأخ بأخته إنّها بنوة من والد واحد {وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأخ وَبَنَاتُ الأخت وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرضاعة} .
إذن فالمسألة مشتبكة في القرابة القريبة. والله يريد قوة النسل، قوة الإنجاب، ويريد أمرا آخر هو: أن العلاقة الزوجية دائما عرضة للأغيار النفسية، فالرجل يتزوج المرأة وبعد ذلك تأتي أغيار نفسية ويحدث بينهما خلاف مثلما قلنا في قوله تعالى:{وَإِنْ أَرَدْتُّمُ استبدال زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ} ؛ ويكره منها كذا وكذا، فكيف تكون العلاقة بين الأم وابنها إذا ما حدث شيء من هذا؟! والمفروض أن لها صلة تحتم عليه أن يظل على وفاء لها، وكذلك الأمر بالنسبة للبنت، أو الأخت، أو العمة، أو الخالة، فيأمر الحق الرجل: ابتعد بهذه المسألة عن مجال الشقاق.