للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجهه - وسيدنا عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - حينما جاءوا بامرأة ولدت لستة شهور وكان الحمل الشائع يمكث تسعة أشهر، وأحيانا نادرة يولد الطفل بعد سبعة أشهر، لكن أن تلد امرأة بعد ستة شهور فهذا أمر غير متوقع. . ولذلك أراد عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - أن يقيم الحد عليها؛ لأنها ما دام ولدت لستة أشهر تكون خاطئة، لكنْ سيدنا علي - رضوان الله عليه وكرم الله وجهه - أدرك المسألة.

قال: يا أمير المؤمنين؛ لماذا تقيم عليها الحد؟ فقال عثمان بن عفان: لأنها ولدت لستة أشهر وهذا لا يكون. وأجرى الله فتوحاته على سيدنا علي، وأجرى النصوص على خياله ساعة الفتيا، وهذا هو الفتح، فقد يوجد النص في القرآن لكن النفس لا تنتبه له، وقد تكون المسألة ليست من نص واحد. بل من اجتماع نصين أو أكثر، ومن الذي يأتي في خاطره ساعة الفتيا أن يطوف بكتاب الله ويأتي بالنص الذي يسعفه على الفتيا، إنه الإمام علي، وقال لسيدنا عثمان: الله يقول غير ذلك، قال له: وماذا قال الله في هذا؟ قال: {والوالدات يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرضاعة} [البقرة: ٢٣٣] .

إذن فإتمام الرضاعة يكون في حولين كاملين أي في أربعة وعشرين شهرا، - والتاريخ محسوب بالتوقيت العربي - والحق سبحانه قال أيضا: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً} [الأحقاف: ١٥] .

فإذا كان مجموع أشهر الحمل والرضاع، ثلاثين شهرا، والرضاع التام أربعة وعشرون شهرا، إذن فمدة الحمل تساوي ستة أشهر.

هكذا استنبط سيدنا علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وكرم الله وجهه - والإنسان قد يعرف آية وتغيب عنه آيات، والله لم يختص زمنا معينا بحسن الفتيا وحرم الأزمنة الأخرى، وإنما فيوضات الله تكون لكل الأزمان، فقد يقول قائل: لا يوجد في المسلمين من يصل بعمله إلى مرتبة الصحابة، ومن يقول ذلك ينسى ما قاله الحق في سورة الواقعة:

<<  <  ج: ص:  >  >>