للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي ليس لهم على تلك الأعمال ثواب؛ لأنهم فعلوها وليس في بالهم الذي يعطي الثواب وهو الله. بل كان في بالهم الخلق، ولذلك يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:

(فعلت ليقال وقد قيل) .

أنت فعلت ليقال وقد قيل، وقالوا عنك إنك محسن كبير، قالوا: إنك بنيت المسجد، وقرأوا اللافتة التي وضعتها على المسجد وسط احتفال كبير. ويقول الحق: {وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً} [الفرقان: ٢٣] .

أنت فعلت ليقال وقد قيل؛ ولذلك فالذين عملوا مثل هذه ووضعوا لافتات من رخام عليهم أن يفطنوا لهذا الأمر، وإن كان الواحد منهم حريصاً على أنه يأخذ الثواب من يد الله فليرفع هذه اللافتة ويسترها وتنتهي المسألة، فالله سبحانه وتعالى يحب ممن يتصدق أن يكون كما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في شأن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله منهم:

» ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه «.

فأنت حين تتصدق لماذا تفضح من يتقبل الصدقة. والحق يقول: {إِن تَجْتَنِبُواْ} ، و» الاجتناب «هو إعطاء الشيء جانباً، ولذلك يقولون: فلان ازورّ جانبه عني، أي أنه عندما قابلني أعطاني جانبه، والمراد في قوله: {إِن تَجْتَنِبُواْ} هو التباعد، والحق ساعة يطلب منك ألا تصنع الحدث ويطلب منك بأسلوب آخر أن تجتنبه، فهذا يدل على أن الاجتناب أبلغ، لأن الاجتناب معناه ألا تكون مع المنهي عنه في مكان واحدٍ فعندما يقول الحق:

{فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان} [الحج: ٣٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>