للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليس أمام الذي يتعرض للإصابة به عدو مباشر يواجهه، حتى يرتب لنفسه الحماية منه. ولذلك يقول الحق سبحانه: {وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشتراه مَا لَهُ فِي الآخرة مِنْ خَلاَقٍ} [البقرة: ١٠٢] .

أي ليس له نصيب في الآخرة، وربما يقول قائل: إذا كانت هذه مضرة السحر في هدم كيان المجتمع وتفزيعه، فلماذا وجد؟ نقول له: إن الكائنات مخلوقة لله، وكل كائن له قانون، وقد يكون قانون كائن أخف وأسرع من قانون آخر، فأفراد الجنس الواحد محكومون بقانون واحد. وحين يوجد لأفراد الجنس الواحد قانون يحكم حركته يكون قد وجد في ذلك الجنس تكافؤ الفرص، بمعنى أن لك فرصة هي لغيرك. أما أن توجد لك فرصة ولا توجد لغيرك، فهذا يمثل خللاً في تكافؤ الفرص في الجنس الواحد.

إن تكافؤ الفرص هو الأمر الذي يحمي المجتمع، بأن تكون فرصك أنت وفرصي أنا متساوية، فيكون صاحب الحركة في مادة الكون هو الذي يتغلب، وبذلك لا آخذ أنا فرصة غير موجودة عندك. فتكافؤ الفرص هو الذي يرحم البشرية.

وإذا كانت قوة الشرق تتمثل في الشيوعية في روسيا قد سقطت وبقيت قوة في الغرب تتمثل في أمريكا، فهناك قوي جديدة تحاول أن تعدل الميزان، اليابان، ألمانيا الموحدة، وأوروبا التي تبحث عن الوحدة، وكل ذلك من أجل أن تتوازن القوي في الفرص المادية الموجودة. وهذا هو ما يحمي الكون من الدمار؛ لأن أي واحد يفكر في أي شر جارف يخاف من رد الفعل، ويخاف أن يردوا عليه بشر أشد، ولو تيقنوا أن واحدة أقوي من الأخرى لجاء الخراب، إذن فحماية الجنس البشري إنما تنشأ من تكافؤ الفرص بين أفراده، ولكن الإنسان جنس، والجن جنس آخر، والإنس والجن مكلفان من الله، فعنصر الاختيار موجود فيهما، ولذلك حكي القرآن:

{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ استمع نَفَرٌ مِّنَ الجن فقالوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يهدي إِلَى الرشد فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً} [الجن: ١ - ٢] .

<<  <  ج: ص:  >  >>