إذن فترك الصلاة معناه: أنه تمرد على إعلان العبودية والولاء للحق. وقد طلبها الله في اليوم خمس مرات، وحتم الجماعة فيها في يوم الجمعة في الأسبوع. لماذا؟ حتى يرانا كل العبيد لله عبيداً لله. فلا يعبد واحد ربنا سراً وبعد ذلك لا يرى أحد منا أحداً فكلنا نسجد لله ولا بد من إعلان الولاء لله، فيوم تُترك الصلاة ينعدم إعلان الولاء له - سبحانه -.
ومن العجيب أن الصلاة فرضها الله عليك بأنك تذهب له خمس مرات في اليوم، هذا بالأمر والتكليف، وإن لم تذهب تأثم إنه ما أغلق الباب اذهب له في أي وقت تجده في استقبالك في أي مكان تقف وتقول: الله أكبر تكون في حضرة ربنا، وقلنا سابقاً: إن من له السيادة في الدنيا حين تطلب لقاءه تقدم طلباً حتى تلقاه. ويحدد لك الميعاد، وبعد ذلك يسألك أحد رجاله: ستتكلم في ماذا. وقد يقف المسئول أو السيد في الدنيا وينهي المحادثة. لكن ربنا ليس كذلك. أنت تذهب له في أي وقت وفي أي زمان وتطيل كما تحب ولن ينهي المقابلة إلا إذا أنهيتها أنت. ولذلك يقولون:
حسبُ نفسي عزاً بأني عبد ... يحتفي بي بلا مواعيد ربّ
هو في قدسه الأعزُّ ولكن ... أنا ألقَى متى وأيْن أُحِبّ
صحيح هو يأمرني أن ألقاه خمس مرات في اليوم، لكن الباب مفتوح للقائه في أي وقت، وأوضحنا سابقاً - ولله المثل الأعلى - هب أن صنعة تعرض على صانعها خمس مرات كل يوم - أيوجد فيها عطب؟ لا.
وأنت تعرض على خالقك وصانعك كل يوم خمس مرات. والصنعة العادية يُصلحها صانعها بسلك أو بمسمار أو بوصلة يضعها، أما أنت المخلوق لله وربّك غيب وهو يُصلح جهازك بما يراه مناسباً.
وبعد ذلك بقي من الكبائر نقض العهد وقطيعة الرحم، ونقض العهد لا يجعل إنساناً يثق في وعد إنسان آخر. فينتشر التشكك في نفوس الجماعة الإيمانية بعضها من بعض، والوعد قد يحل مشاكل للناس/المعْسرين، فعندما يقول قادر لغير قادر: أعدك بكذا. ويعطيه ما وعده به، فإن وعده المدين بسداد الدين وأخلفه مرة فلن