إذن ففي مسألة العْقيدة الكل فيها سواء، الذكورة والأنوثة، فيها عقل وفيها تفكير. ولعل المرأة تشير برأي قد يعزّ على كثير من الرجال. ولنا المثل من زوج رسول الله (أم سلمة) وموقفها في صلح الحديبية فعندما يأتي الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليعقد المعاهدة، ويحزن أصحابه ومنهم عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه الذي قال: أنقبل الدنية في ديننا فيقول له سيدنا أبو بكر: الزم غرزك يا عمر إنه رسول الله. فدخل رسول الله مغضباً، طبعاً من حمية عمر وحزن الصحابة، لأنها مسألة تعز على النفس البشرية، لكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يذهب فيجد أم سلمة فيقول لها: هلك المسلمون «ألا ترين إلى الناس آمرهم بالأمر فلا يفعلونه وهم يسمعون كلامي وينظرون وجهي؟ فقالت يا رسول الله: لا تلمهم فإنه قد داخلهم أمر عظيم مما أدخلت على نفسك من المشقة في أمر الصْلح ورجوعهم بغير فتح يا نبي الله اخرج إليهم ولا تكلم أحدا كلمة حتى تنحر بُدْنَك وتدعو حالقك فيحلقك» .
لقد وقّع رسول الله صلح الحديبية وانتهت المسألة. ولكن رحمة الله بالمؤمنين الذين وقفوا أمام رسول الله في هذه المسألة، ورحمة الله لهم بأم سلمة أوضح لهم الرسول: سأبين لكم: أنتم لو دخلتم مكة وفيها أناس مسلمون لاتعرفونهم إنهم يكتمون إيمانهم وإسلامهم، والبيت الكافر قد يكون فيه واحد مسلم، وقد تقتلون أناساً مسلمين لا تعرفونهم فتصيبكم معرة أي ما تكرهونه ويشق عليكم مصداقاً لقول الحق تعالى:{وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ الله فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}[الفتح: ٢٥] .
لو تزيلوا أي لو تميز المؤمنون في منطقة لعاقبنا الكافرين عقابا شديداً. إذن لقد أوضح لهم العلة، فرضي الكل، ولنا أن نلتفت إلى أن المسألة جاءت من سيدتنا