فامنعو المسألة من أول مراحلها لماذا؟ لأنني عندما أرى وردة، ثم قالوا لي: هي ليست لك فلا تقطفها، فلا يحدث عندي ارتباك في مادتي، لكن عندما يرى الرجل امرأة جميلة وتدخل في وجدانه فسيحدث عنده النزوع؛ لأن له أجهزة مخصوصة تنفعل لهذا الجمال، ولذلك يوضح لك الحق: أنا خالقك وسأتدخل في المسألة من أول الأمر، فقوله:{بِمَا حَفِظَ الله} أي بالمنهج الذي وضعه الله للحفظ: ألا أعرض نفسي إلى إدراك، فينشأ عنه وجدان، وبعد ذلك أفكر في النزوع، فإن نزعت أفسدت، وإن لم تنزع تعقدت، فيأتي شرّ من ذلك، هذا معنى:{بِمَا حَفِظَ الله} ، يعني انظروا إلى المنهج الذي وضعه الله لأن تحفظ المرأة غيبة زوجها، وهي تحفظه ليس بمنهج من عندها. بل بالمنهج الذي وضعه خالقها وخالقه.
وها هو ذا الحق سبحانه وتعالى حينما يربّى من عبده حاسة اليقظة قال:{واللاتي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} فالنشوز لم يحدث بل مخافة أن يحدث، فاليقظة تقتضي الترقب من أول الأمر، لا تترك المسألة حتى يحدث النشوز، و «النشوز» من «نشز» أي ارتفع في المكان. ومنه «النشز» وهو المكان المرتفع، وما دام الحق قد قال:{الرجال قَوَّامُونَ عَلَى النسآء} فالمعنى هنا: مَن تريد أن تتعالى وتوضع في مكانة عالية؟؛ ولذلك فالنشاز حتى في النغم هو: صوت خارج عن قواعد النغم فيقولون: هذه النغمة النشاز، أي خرجت عن قاعدة النغمة التي سبقتها. وكذلك المرأة المفروض فيها أنها تكون متطامنة، فإن شعرت أن في بالها أن تتعالى فإياك أن تتركها إلى أن تصعد إلى الربوة وترتفع. بل عليك التصرف من أول ما تشعر ببوادر النشوز فتمنعه، ومعنى قوله:{واللاتي تَخَافُونَ} يعني أن النشوز أمر متخوف منه ومتوقع ولم يحدث بعد.
وكيف يكون العلاج؟ يقول الحق:«فعظوهن» أي ساعة تراها تنوي هذا فعظها، والوعظ: النصح بالرقة والرفق، قالوا في النصح بالرقة: أن تنتهز فرصة