للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خلقها الله لنا بالطاقات المخلوقة لنا، في المادة المخلوقة وهي الأرض وعناصرها لنرقي بالوجود إلى مستوى يسعدنا ويرَضِيَ اللَّهُ عَنْه.

{واعبدوا الله وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً} . بعدما قال كل هذا الكلام السابق، لفتنا ربنا إلى قضية يجب أن نلحظها دائما في كل تصرفاتنا هي أن نأتمر بأمر الله في منهجه، وألا نشرك به شيئاً؛ لأن الشرك يضر قضية الإنسان في الوجود، فإن كنت في عمل إياك أن تجعل الأسباب في ذهنك أمام المسبب الأعلى. . بل اقصد في كل عمل وجه الله.

ويضرب الحق المثل لراحة الموحد ولتعب المشرك فقال: {ضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الحمد للَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٢٩] .

فهذا عبد مملوك لجماعة، والجماعة مختلفة ومتشاكسة، وهو لا يعرف كيف يوفق بين أوامر كل منهم التي تتضارب، فإن أرضي هذا، أغضب ذاك. إذن فهو عبد مبدد الطاقة موزع الجهد، مقسم الالتفاتات، ولكن العبد المملوك لواحد، لا يتلقى أمراً إلا من سيد واحد ونهياً من السيد نفسه. والحق يشرع القضية لعباده بصيغة الاستفهام، وهو العليم بكل شيء ليجعل المؤمن به يشاركه في الجواب حتى إذا ما قال الحق: «هل يستويان» ؟ هنا يعرضها الإنسان على عقله ويريد أن يجيب، فماذا يقول؟ سيجيب بطبيعة الفطرة وطبيعة منطق الحق قائلاً: لا يا رب لا يستويان.

إذن فأنت أيها العبد المؤمن قد قلتها، ولم يفرضها الله عليك. وقد طرحها الحق سبحانه سؤالاً منه إليك؛ حتى يكون جوابك الذي لن تجد جواباً سواه. فإذا ما كنت كذلك أيها العبد المؤمن قد ارتحت في الوجود وتوافرت لك طاقتك لأمر واحد ونهي واحد، هنا تصبح سيداً في الكون، فلا تجد في الكون من يأخذ منك عبوديتك للمكون. وتلك هي راحتنا في تنفيذ قول الله: {واعبدوا الله وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً}

<<  <  ج: ص:  >  >>