للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاء للقليل، وأصبح جارك، أي أنه عدل عن دنيا واسعة وجاء جانبك، فيسموا الجار لمن جار، أي عدل عن كل الأمكنة الواسعة وجاء إلى مكان بجانبك.

وهذا الجار يوصي به الله سبحانه وتعالى كما أوصي بالقريب، وباليتيم وبالمسكين، للجار حقوق كثيرة؛ لذلك قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كما جاء في الحديث: «الجيران ثلاثة: فجار له حق واحد، وهو أدنى الجيران حقا. وجار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق: فأما الذي له حق واحد فجار مشرك لا رحم له، له حق الجوار، وأما الذي له حقان فجار مسلم له حق الإسلام وحق الجوار، وأما الذي له ثلاثة حقوق فجار مسلم ذو رحم له حق الإسلام وحق الجوار وحق الرحم» .

ويقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في حق الجار:

«مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» «.

أي سيجعل له من الميراث، وما هي حدود الجار؟ حدوده: الأقرب بابا إليك، إلى أربعين ذراعاً، وقالوا: إلى أربعين داراً، هنا يقول الحق: {والجار ذِي القربى} . فأعطاه حق القربى وحق الجوار، وقال؛ {والجار الجنب} . لأن فيه جاراً قريباً وجاراً بعدياً وقوله:» الجنب «أي البعيد، {والصاحب بالجنب} » الصاحب «هو المرافق.» بالجَنْب «أي بجانبه. قالوا: هو الزوجة أو رفيق السفر؛ لأن الرفقاء في السفر مع بعضهم دائماً، أو التابع الذي يتبعك طمعاً فيما عندك من الرزق سواء كان الرزق مالاً أو علماً أو حرفة يريد أن يتعلمها منك؛ فهو الملازم لك، والخادم أيضاً يكون» بالجنب «وكل هذا يوسع الدائرة للإحسان، ولو حسبت هذه الدوائر لوجدتها كلها متداخلة.

وها هو ذا النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ يقول لأبي ذَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه:

<<  <  ج: ص:  >  >>