فمنهج الدين وحده لا يكفي. . إلا بالتطبيق. ولذلك كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لا يأمر أصحابه بأمر إلا كان أسبقهم إليه، فكان المسلمون يأخذون عنه القدوة قولا وعملا، وكان عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. حين يريد أن يقنن أمراً في الإسلام يأتي بأهله وأقاربه ويقول لهم: لقد بدا لي أن آمر بكذا وكذا، والذي نفسي بيده من خالف منكم لأجعلنه نكالا للمسلمين. وكان عمر بن الخطاب بهذا يقفل أبواب الفتنة، لأنه يعلم من أين تأتي. .
وفي الدعوة الإسلامية. . لابد أن يكون العلماء قدوة لينصلح أمر الناس. ففي كل علوم الدنيا القدوة ليست مطلوبة. إلا في الدين. فأنت إذا ذُكِرَ لك عالم كيمياء بارع. وقيل لك أنه يتناول الخمر. أو يفعل كذا. تقول مالي وسلوكه. أنا آخذ عنه علم الكيمياء لأنه بارع في ذلك. ولكن لا شأن لي بسلوكه. وكذلك كل علماء الأرض. ما عدا عالم الدين. فإذا كان هناك عالم يبصرك بالطريق المستقيم. وتتلقى عنه علوم دينك ثم بعد ذلك تعرف أنه يشرب الخمر أو يسرق. أتستمع له؟ أبدا. أنه يهبط من نظرك في الحال. ولا تحب أن تسمعه. ولا تجلس في مجلسه. مهما كان علمه. فستقول له كفاك دجلا. .
وهكذا فإن عالم الدين لابد أن يكون قدوة. فلا ينهى عن منكر ويفعله. أو يأمر بمعروف وهو لا ينفذه. فالناس كلهم مفتحة أعينهم لما يصنع. والإسلام قبل أن ينتشر بالمنهج العلمي. . انتشر بالمنهج السلوكي. وأكبر عدد من المسلمين اعتنق هذا الدين من أسوة سلوكية قادته إليه. فالذين نشروا الإسلام في الصين. . كان أغلبهم من التجار الذين تخلقوا بأخلاق الإسلام. فجذبوا حولهم الكثيرين. فاعتنقوا الإسلام. ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المسلمين}[فصلت: ٣٣]
فالشرط الأول هو الدعوة إلى الله. والشرط الثاني العمل الصالح. وقوله {إِنَّنِي مِنَ المسلمين} لم ينسب الفضل لنفسه أو لذاته. ولكنه نسب الفضل إلى الإسلام.
ولكن قولوا لي: أي فائدة أن نقول أننا مسلمون ونعمل بعمل غير المسلمين؟