فما بال الذين لم يعاصروه؟ فأين الممحص الذي يقابل هذا لمن لم يعاصر حضرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، والرسول إنما جاء للناس جميعاً، فكيف يوجد ممحص لقوم عاصروا رسول الله ثم يحرم من جاءوا بعد رسول الله من هذا التمحيص؟
هذه مسألة ظلت في ذهني ولا أجد لها جواباً، إلا أني قلت: لقد ثبت عندي وعند بعض أهل العلم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال مطمئنا المؤمنين في كافة العصور:
(حياتي خير لكم تُحْدِثون ويُحْدَثُ لكم فإذا أنا مت كانت وفاتي خيرا لكم تُعْرض عليَّ أعمالكم فإن رأيت خيرا حمدت الله وإن رأيت شرا استغفرتُ لكم) .
انظر إلى التطمين في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:
«تعرض عليّ أعمالكم فإن رأيت خيراً حمدت الله، وإن رأيت غير ذلك استغفرت لكم» .
فاستغفار الرسول لنا موجود. إذن فما بقي منها إلا أن نستغفر الله، وما بقي إلا «جاءوك» أي يجيئون لسنتك ولما تركت منها ف صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هو القائل:
«تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض» .
فكما كان الأحياء يجيئونه، فنحن نجيء إلى حكمه وسنته وتشريعه، وهو يستغفر لنا جميعا، إذن فهذه منتهية، فبقي أن نستغفر الله قائلين: نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحيّ القيوم ونتوب إليه. . نفعل ذلك إن شاء الله.