السابقين على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يبلغ قومه برسالته، فإن آمنوا فبها ونعمت وإن لم يؤمنوا تتدخل السماء بالعقاب، بريح صرصر، رجفة، صيحة، خسف الأرض بهم، إغراق، فالرسول قبل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان يبلغ، والسماء تعاقب من لم يؤمن. وما وجد قتال إلا إذا اقترحوا هم القتال، مثل بني إسرائيل، قال الحق:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الملإ مِن بني إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ موسى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابعث لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله}[البقرة: ٢٤٦] .
هم الذين اقترحوا، لكن القتال الذي يُثَبِّت المبدأ وينشر المنهج لإعلاء كلمة الله، وسيطرة الخلافة الأمنية الإيمانية على الأرض، لم يشرع إلا على يد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. فكأن الله لم يأمن خلقاً على خلق إلا أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقد جعلها أمينة. فأنتم أمناء أن تتولوا عن السماء تأديب المخالف، وبذلك أخذتم المستوى العالي في المنهج والمستوى العالي في الرسالة. وأكرم الله نبيّه فقال:{وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ}[الأنفال: ٣٣] .
فجاء القتال وحارب المسلمون - وهم ضعاف - المجتمعات الفاسدة القوية. والشاعر يقول:
فقوى على الضلال مقيم ... وقطيع من الضعاف يُجارِي
هذا القتال لو لم يجيء به الدين، أَلاَ تقوم به الأمم التي لا دين لها لإصلاح أمرها؟ إنها تقاتل، فلماذا يكون مباحاً منهم أن يقاتلوا كي يقرروا مبادئهم، وعندما يأتي الدين ليشرع القتال يقولون: لا. هذا دين سيف.
نقول لهم: بالله لماذا إذن تحارب الشعوب؟ أنت تجد شعوبا تتحارب وتجد ظلما يحارب ظلما آخر، فإذا ما وجد عدل ليزحزح ظلما نقف في طريقه؟ لا. وذلك حتى