ويقول قائل: وما ذنب الولد؟ نقول: أنت لا تفهم الأمور، لقد ذهبت إلى الحق بدون تجربة في أن يطيع أو يعصي الله، ذهب إلى رحمة الله مباشرة، وهذا أفضل له. وكان في ذلك القتل للولد رحمة لوالديه؛ فالشيء إن حدث للنفس إن كان من مخالفة الإنسان للناموس فيكون الإنسان هو الذي فعل الضر بنفسه. . وكذلك الأمة حين تخالف ناموساً شرعياً أو كونياً. لكن لو كانت الأمور فوق طاقة البشر فلا بد أن لله فيها حكمة. وقصة العبد الصالح ومومسى مليئة بالحكم. فقد ذهب الاثنان إلى قرية واستطعما أهلها أي طلبا من أهلها طعاماً:
ولم يطلب أي منهما نقوداً، وذلك حتى لا تثار الظنون السيئة، ولكن طلبا الطعام ليأكلاه. وهو أول الحاجات الضرورية للإنسان.
فقالوا لهما: لا لن نعطيكما لأن أهل تلك القرية كانوا لئاماً. ولذلك اتجه العبد الصالح إلى جدار يريد أن ينقض فأقامه، فقال سيدنا موسى للعبد الصالح: لماذا لا تأخذ منهم أجراً؟
فأهل القرية اللئام الذين طُلِبَ منهم الطعام لم يكونوا قادرين على تحمل أمانة حفظ الكنز للغلامين. فأمر الله العبد الصالح بحجب الكنز عن أهل تلك القرية. إذن، فالمسائل إن جرت على الإنسان بسبب منه فهو الذي فعل الضر بنفسه، أما إذا كان الأمر لا دخل للإنسان فيه فعليه أن يثق بحكمة مَن يجريه وبذلك يستقبل الإنسان كل شيء يصيبه بالراحة.