أي ليست الطاعة ذاتية له، إنما الطاعة صادرة من الله، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يتميز عن سائر الرسل؛ لأن معجزته التي تؤيد صدقة في بلاغة عن الله هي عين كتاب منهجه في الأصول، وكل الرسل كانت على غير ذلك. كان الرسول يأتي بمعجزة ويأتي بكتاب منهج، العصا واليد البيضاء كانت لموسى هذه معجزته؛ ولكن منهجه في «التوراة» ، إذن فالمعجزة منفصلة عن المنهج.
سيدنا عيسى معجزته - مثلاً -: أنَّه يبرئ الأكمة والأبرص، لكن كتاب منهجه «الإنجيل» ، إلا سيدنا رسول الله فإن معجزته وهي القرآن هي عين منهجه؛ لأن الله أراد للدين الخاتم ألا تنفصل فيه المعجزة من المنهج.
إن معجزات الرسل السابقين على رسول الله من رآها يؤمن بها، والذي لم يرها يسمع خبراً عنها، وإن كان واثقاً ممن أخبره يصدقه، وإن لم يكن واثقا - لأنها ليست أمامه - فلا يصدقه، ولولا أن الله أخبرنا بهذه المعجزات في القرآن لكان من الممكن أن نقف فيها.
أما معجزته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فباقية بقاء منهجه، ويستطيع كل مسلم أن يقول في آخر عمر الدنيا: محمد رسول الله وتلك معجزته، أما غيره من الرسل فلا يأتي أحد ويقول: فلان رسول الله وتلك معجزته، لأنها حدثت وانتهت، أما القرآن فهو باق بقاء الرسالة والكون.
والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حين يأتي بالبلاغ عن الله فالحق يبيّن لنا: أنا أرسلت الرسول ليطاع. والمنطق أن يقول القرآن:{مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله} ؛ لأن الرسول جاء مبلغاً عن الله؛ فالمباشر لنا هو رسول الله، وعرفنا من قبل أنه إذا ما توارد أمر الطاعة من الله مع أمر مع رسوله نطيع الاثنين، وإذا كان الله قد جاء بأمر إجمالي كالزكاة والحج، وجاء الرسول ففصل، فنطيع الله في الأمر الإجمالي ونطيع الرسول في الأمر التفصيلي، وإذا كان الله لم يجيء بحكم لا مجمل