ومثال آخر: بعض الناس يقولون: هناك اختلاف في القراءات. . مثل قوله تعالى:{مالك يَوْمِ الدين}[الفاتحة: ٤] .
ويقول: هناك من يقرؤها «مالك يَوْمِ الدين» . . لكن هناك ما يُسمى «تربيب الفائدة» لأن كلمة «مالك» وكلمة «مَلِك» معناهما واحد، والقرآن كيف يكون من عند غير الله؟ {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن وَلَوْ كَانَ} - أي القرآن - «من عند غير الله» أغير الله كان يأتي بقرآن؟ {لا. إنما القرآن لا يأتي إلا من الله سبحانه وتعالى، {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً} .
إن قوله سبحانه:{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن} تكريم للإنسان، فكأن الإنسان قد خلقه الله ليستقبل الأشياء بفكر لو استعمله استعمالاً حقيقياً لانتهى إلى مطلوبات الحق، وهذه شهادة للإنسان، فكأن الإنسان مزود بآلة فكرية. . هذه الآلة الفكرية لو استعملها لوصل إلى حقائق الأشياء، ولاحق لا يريد منا إلا أن نعمل هذه الآلة:{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً} فالقرآن كلام الله، وكلام الله صفته، وصفة الكامل كاملة، والاختلاف يناقض الكمال. فمعنى الاختلاف أنك تجد آية تختلف مع آية أخرى، فكأن الذي قال هذه نسي أنه قالها} ! وبعد ذلك جاء بأمر يناقضها، ولو كان عنده كمال لعرف ما قال أولاً كي لا يخالفه ثانياً.
إذن فلا تضارب ولا اختلاف في القرآن؛ لأنه من عند الله.
وبعد ذلك يقول الحق:{وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأمن أَوِ الخوف ... } .