إبراهيم: آه لو كنا قد أمسكنا به، ولكان ذلك فرصة لكفرهم.
ولكن الحق يجعلهم يمسكون بإبراهيم عليه السلام: وَتَرَكَ النارَ تتأجج، ويقطع سبحانه الأسباب:{قُلْنَا يانار كُونِي بَرْداً وسلاما على إِبْرَاهِيمَ}[الأنبياء: ٦٩] .
هذه هي النكاية، فلو جاء إنقاذ إبراهيم بطريق غير ذلك من الأمور الغَيبية غير المادة المحسة، لوجد خصوم إبراهيم المخارج لتبرير هزيمتهم.
ولذلك فالحق سبحانه وتعالى يوضح لرسوله: يا محمد أنا الذي أرسلتك، ولم أكِلَك إلى نصرة من يؤمن بك، وإنني قادر على نصرك وحدك بدون شيء، ولكن أردت لأمتك التي آمنت بك أن ينالها يُمْنُ الإيمان بك فيستشهد بعضها، فتثاب الأمة، وتنتصر فتعلو وترتفع هامتها على العرب، فلو كان الأمر مقصوراً على نصر رسول الله لنصره الله دون حرب أو جهاد.
وقول الحق سبحانه:{عَسَى الله أَن يَكُفَّ بَأْسَ الذين كَفَرُواْ والله أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً} أي أنه سبحانه قادر على أن يوقف ويمنع حرب وكيد الكافرين فيُبطله ويهزمهم. وهذا ما حدث، فبعد موقعة «أحد» التي ماعت نهايتها ولا يستطيع أحد أن يحدد مَن المنتصر فيها ومن المهزوم؛ لأن رسول الله قد انتصر أولاً، ثم خالف الرماة أمر رسول الله، فحدث خلل في صفوف المقاتلين المسلمين، ولكن لم يبق المحاربون من قريش في مكان المعركة، وأيضا لم يتجاوزوها إلى داخل المدينة، ولذلك لم تنته معركة أُحُد بنصر أَحَد. وبعد ذلك هددوا بأن الميعاد في بدر الصغرى في العام القادم.
ومر العام، وجاء الميعاد، وأراد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يخرج، فلما طالب بالخروج وجد كسلاً من القوم، ولم يطعه إلا سبعون رجلاً، وخرجوا إلى المكان المحدد. وأثبتوا أنهم لم يخافوا الموقف، وقذف الله الرعب في قلب أبي سفيان وقومه فلم يخرجوا. إذن فربنا قادر أن يكلف بأس الذين كفروا، فقد أقام رسول الله