وعندما نمسك ورقة ونضعها تحت المجهر فإننا نرى عدداً هائلاً من الغرف الصغيرة، ولا حصر لهذه الغرف، ويقول المؤمن:{فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين}[المؤمنون: ١٤] .
فكل شيء في الوجود له حياة تناسبه، إذ استقريتها وتتبعتها بدقة واستطعت أن توجد الآلات التي تستنبط والتي تساعد على الإدراك فإنك ترى الحركة وتشاهدها بالحس.
إلا أن الحياة بالنسبة لأرقى الأجناس - وهو الإنسان - المنتفع بكل كائن حي في الكون، هذه حياة تنتهي في ميعاد مجهول بالنسبة للإنسان معلوم بالنسبة لله. وأراد الله أن يكلفه تكليفاً إن استمع إليه ونفذه فهو سبحانه يعطيه حياة لا تنتهي. وعندما نقيس الحياة التي لا تنتهي فالحياة التي تنتهي، فأي منهما جديرة بأن تسمي حياة؟ إنها الحياة الأخرى التي لا تنتهي، ولذلك يقول الحق:{وَإِنَّ الدار الآخرة لَهِيَ الحيوان لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ}[العنكبوت: ٦٤] .
هذه هي الحياة الحقة، وإلا فما قيمة هذه الحياة الدنيا التي تهددك فيها الآفات والآلام والاضطرابات والأسقام والأمراض، وبعد ذلك تنتهي، فيوضح الحق: خذ حياة لا مقطوعة ولا ممنوعة، فهذه هي الحياة حقاً، ولذلك فالحق عندما تعرض لهذه المسألة أوضح: إياكم أن تعتقدوا أن هذه الحياة الدنيا هي التي أريدها لكم، أنا أريد لكم حياة أخلد من هذه، ولذلك قال:{استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}[الأنفال: ٢٤] .
هو يخاطبهم إذن فهم أحياء بالقانون المتعارف عليه، وأنهم إن لم يستجيبوا إلى ما دعاهم إليه الحق والرسول لن يأخذوا لوناً أرقى من الحياة، وهي حياة لا تهددها الآفات ولا الأثفال ولا الأمراض ولا الفناء، إنها الحياة الحقة، ولذلك يسميها الحق «