مقيس» متعلقاً بأستار الكعبة ليحتمي بها، فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بقتله، {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} .
وهنا نجد أكثر من مرحلة في العذاب: جزاء جهنم، خُلود في النار، غَضب من الله، لعنة من الله، إعداد من الله لعذاب عظيم. فكأن جهنم ليست كل العذاب؛ ففيه عذاب وفيه خلود في النار وفيه غضب وفيه لعنة ثم إعداد لعذاب عظيم. وهذا ما نستعيذ بالله منه. فبعضنا يتصور أن العذاب هو جهنم فحسب، وقد يغفل بعض عن أن هناك ألواناً متعددة من العذاب. وفي الحياة نرى إنساناً يتم حبسه فنظن أن الحبس هو كل شيء، ولكن عندما وصل إلى علمنا ما يحدث في الحبس عرفنا أن فيه ما هو أشر من الحبس.
وهنا وقفة وقف العلماء فيها: هل لهذا القاتل توبة؟ واختلف العلماء في ذلك، فعالم يقول: لا توبة لمثل هذا القاتل. وعالم آخر قال: لا، هناك توبة. وجاء سيدنا ابن العباس وجلس في جماعة وجاء واحد وسأله: أللقاتل عمداً توبة؟ قال ابن العباس: لا. وبعد ذلك بمدة جاء واحد وسأل ابن العباس: أللقاتل عمداً توبة؟ فقال ابن العباس: نعم. فقال جلساؤه: كيف تقول ذلك وقد سبق أن قلت لا، واليوم تقول نعم.
قال ابن العباس: سائلي أولاً كان يريد أن يقتل عمداً، أما سائلي ثانياً فقد قتل بالفعل، فالأول أرهبته والثاني لم أقَنِّطه من رحمة الله.
وكيف فرق ابن العباس بين الحالتين؟ إنها الفطنة الإيمانية والبصيرة التي يبسطها الله على المفتي. فساعة يوجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في صحابته يسأله واحد قائلاً:«أي الإسلام خير» ؟ فيقول صلوات الله عليه:«تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» ويسأله آخر فيجيبه بقوله: «من سلم المسلمون من لسانه ويده» وهكذا كان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ يجيب كل سائل بما