وهناك كيفية ثالثة وهي أن تأتي الطائفة الأولى تصلي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ركعة، ولا يصلي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ معها الركعة الثانية بل يظل واقفاً قائماً إلى أن تخرج من صلاتها بالتسليم لتنادي الطائفة التي تقف في مواجهة العدو لتصلي خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الركعة الثانية بالنسبة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بينما هي الركعة بركعتها الثانية ويسلم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بها وتنال الطائفة الأولى بشرف بدء الصلاة مع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وتحظى الطائفة الثانية بشرف السلام معه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
وهنا نسأل: هل هذه الصلاة بهذا الأسلوب مقصورة على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وإتماماً به لأن الصلاة معه هي الشرف؟ فكيف يصلي المقاتلون الخوف بعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟ قال العلماء: إذا كنت تعتبر القائمين بأمر القيادة هم خلفاء لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في الولاية فتقام صلاة الخوف على صورتها التي جاءت في القرآن، ولكن إذا كان لكل جماعة إمام فلتصل كل جماعة صلاة القصر كاملة خلف الإمام.
{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصلاة فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وليأخذوا أَسْلِحَتَهُمْ} وهذه الأسلحة المقصود بها الأسلحة الحقيقية مثل السيف أو الرمح أو النبلة أو البندقية فيأخذها المقاتل معه، أما من معه سلاح ثقيل فلن يأخذه بطبيعة الحال إلى الصلاة.
{فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أخرى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} والقول القرآني هنا ليس مجرد ألفاظ تقال ولكنها ألفاظ لها مدلولات من رب العالمين، فمن قدموا إلى الصلاة أولاً: تركوا خلفهم من يحميهم.
ولكن الطائفة الثانية التي سوف تترك المواقع من أجل الركعة الثانية خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فبالهم مشغول بذواتهم وبحماية من يصلون، فلعلهم حين يذهبون إلى الصلاة مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تلهيهم المسألة؛ لذلك قال الله:{وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} وهكذا نجد أن الطائفة الأولى ملزمة بأخذ السلاح، والطائفة الثانية ملزمة بأخذ الحذر والسلاح.