هابيل - إذن - يسأل قابيل: وما ذنبي أنا في ذلك، إن الله هو الذي يتقبل القربان وليس أنا فلماذا تقلتني؟
ويستمر القول الحكيم:{لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إني أَخَافُ الله رَبَّ العالمين}[المائدة: ٢٨]
وماذا يقول الحق من بعد ذلك:{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الخاسرين}[المائدة: ٣٠]
كأن مسألة القتل كانت عملية شاقة وليست سهلة، وأخذت مغالبة. وعلى سبيل المثال: لن يقول أحد: «لقد طوعت الحبل» ولكن هناك من يقول: «أنا طوعت الحديد» . وسعار الغضب جعل قابيل ينسى كل شيء وقت الجريمة، وبعد أن وقعت، وهدأ سعار الغضب الذي ستر موازين القيم، هنا ظهرت موازين القيم ناصعة في النفس.
ولذلك نجد من يرتكب جريمة ما، ويتجه بعد ذلك لتسليم نفسه إلى الشرطة، وهو يفعل ذلك لأن سعار الجريمة انتهى وظهر ضوء موازين القيم ساطعاً. وعلى ذلك نفهم قول الحق:{فَقَدِ احتمل بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} .
وهذا يدل على أن من يصنع جريمة ثم يرمي البريء بالإثم إنما يرتكب عملأً يتطلب مشقة وتتنازعه نفسه مرة بالندم؛ لأنه فعل الجريمة، وتنازعه نفسه مرة ثانية لأنه رمى بريئاً بالجريمة؛ لذلك قال الحق:{فَقَدِ احتمل بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} وساعة