وفي الاسم الموصول نجد الجملة تسير على ما هي، أما إذا كانت شرطية، فهناك الجزم الذي يقتضي سكون الفعل؛ ويقتضي - أيضا - جواباً للشرط. و «من» تصلح أن تكون اسماً موصولاً، وتصلح أن تكون أداة شرط، ونتعرف - عادة - على وضعها مما يأتي بعدها. مثال ذلك قوله الحق:{وَمَن يُشَاقِقِ الرسول مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهدى وَيَتَّبِعْ} ونجد «يتبع» هنا عليها سكون الجزم، وهذا يدل على أن «مَنْ» شرطية.
وتختلف القراءة لو اعتبرنا «مَن» اسم موصول؛ لأن هذا يستدعي ترك الفعل «يشاقق» في وضعه كفعل مضارع مرفوع بالضمة، وكذلك يكون «يتبعْ» فعلاً مضارعاً مرفوعاً بالضمة؛ عند ذلك نقول:«نوليه ما تولى ونصليه» . ولكن إن اعتبرنا «مَن» أداة شرط - وهي في هذه الآية شرطية - فلا بد من جزم الفعل فنقرأها «ومن يشاققْ الرسول من بعد ما تبين له الهدى» . وكذلك نجزم الفعل المعطوف وهو قوله:(ويتبعْ) ويجزم جواب الشرط وما عطف عليه وهو قوله: (نولّهِ)(ونصْلِه) والجواب وما عطف عليه مجزومان بحذف حرف العلة وهي الياء من آخره {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المؤمنين نُوَلِّهِ مَا تولى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً} . ومعنى «تَوَلَّى» أي قرب، ويقال: فلان وَلِي فلان؛ أي صار قريباً له. ومن يتبع غير سبيل المؤمنين، فالحق لا يريده بل ويقربه من غير المؤمنين ويكله إلى اصحاب الكفر. وها هو ذا الحق سبحانه يقول:«أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشِركه» .
فالذي يحتاج إلى الشرك هو من زاوية من ضعف، ويريد شريكاً ليقويه فيها. وعلى سبيل المثال - ولله المثل الأعلى - لا نجد أحداً يشارك واحداً على تجارة إلا إذا كان يملك المال الكافي لإدارة التجارة أو لا يستطيع أن يقوم على شأنها. وسبحانه حين يعلمنا:«أنا أغنى الشركاء عن الشرك. من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» .
أي أن له مطلق القوة الفاعلة التي لا تحتاج إلى معونة، ولا تحتاج إلى شريك؛ لأن الشركة أول ما تشهد فإنها تشهد ضعفا من شريك واحتياجاً لغريب.