وكانت غفلة آدم - عليه السلام - لأمر أراده الله وهو أن يكون آدم خليفة في هذه الدنيا؛ لذلك كان من السهل أن يوسوس الشيطان لآدم ولزوجه:{فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشيطان لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هذه الشجرة إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الخالدين}[الأعراف: ٢٠]
وأغوى الشيطان آدم وحواء بأن الله قد نهاهما عن الأكل من تلك الشجرة حتى لا يكونا ملكين، وحتى لا يستمرا في الخلود. ولو أن آدم أعمل فكره في المسألة لقال للشيطان: كل أنت من الشجرة لتكون ملكاً وتكون من الخالدين، فأنت أيها الشيطان الذي قلت بخوف شديد لله:{قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[الحجر: ٣٦]
والحق يريد لنا أن نتعلم من غفلة آدم؛ لذلك لا بد للمؤمن أن يكون يقظاً.
فسبحانه يقول عن الشيطان:{لَّعَنَهُ الله وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً} .
والقرآن الكريم حين يعالج قضية ما فهذه القضية تحتاج إلى تدبر. ونلحظ أن إبليس قد تكلم بذلك ولم يكن موجوداً من البشر إلا آدم وحواء، فكيف علم ما يكون في المستقبل من أنه سيكون له أتباع من البشر؟ وكيف قال:{لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً} ؟ .
لقد عرف أنه مادام قد قدر على أبيهم آدم وأمهم حواء فلسوف يقدر على أولادهما ويأخذ بعضاً من هؤلاء الأولاد إلى جانبه، قال ذلك ظناً من واقع أنه قدر على آدم وعلى حواء. والذين اتبعوا إبليس من البشر صدقوا إبليس في ظنه. وكان هذا الظن ساعة قال:{لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً} .
وأخذ إبليس هذا الظن لأنه قدر على آدم وحواء مع أن آدم وحواء قد أخذا