للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي أنه استمتع بهذه الأماني في أحلام اليقظة سواء أكانت هذه الأحلام امتلاك قصر أم سيارة أم غير ذلك. وكل أمنية لا تحفز الإنسان إلى عمل يقربه منها هي أمنية كاذبة، ولذلك يقال: «إن الأماني بضاعة الحمقى» والشيطان يمني الإنسان بأنه لا يوجد بعث ولا جزاء.

ومن بعد ذلك يقول الشيطان: {وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأنعام} والبتك هو: القطع. والأنعام: هي الإبل والبقر والغنم، أي قطع آذان الأنعام. والقرآن قال في الأنعام: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مَّنَ الضأن اثنين وَمِنَ المعز اثنين قُلْءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأنثيين أَمَّا اشتملت عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأنثيين نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ وَمِنَ الإبل اثنين وَمِنَ البقر اثنين قُلْءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأنثيين أَمَّا اشتملت عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأنثيين} [الأنعام: ١٤٣ - ١٤٤]

لو كان الزوج يطلق على «الاثنين» لكان العدد أربعة فقط، ويعلمنا التعبير القرآني ويوضح لنا ان نفرق جيداً لنفهم أن معنى كلمة «زوج» ليس أبداً «اثنين» ، ولكن معناها: واحد معه غيره من نوعه أو جنسه. فيقال عن فردة الحذاء «زوج» لأن معها فردة أخرى، ومثال آخر أيضا: كلمة «توأم» التي نظن أنها تعني «اثنين» ، لكن المعنى الحقيقي أن التوأم هو واحد له توأم آخر، فإذا ماأردنا التعبير عن الاثنين قلنا: «توأمان» .

وحين أورد من خطط الشيطان {وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأنعام} فلهذا قصة. ونحن نعرف أن المنتفعين بالضلالات يصنعون لهم سلطة زمنية حتى يربطوا الناس بأشخاصهم هم. وكان المشرفون على الأصنام يقومون على خدمتها، ولم يلحظ أحد أنه من الغباء تَقَبُّلُ فكرة أن يخدم البشر الآلهة، فالإله هو القيوم على خلقة يرعاهم ويقوم بأسبابهم، وكان هؤلاء الناس هم المنتفعين بخيبة الغفلة عند البشر، وكانوا يعيشون سدنة ليأخذوا الخير، وبطبيعة الحال فالشيطان من البشر أو الجن يجدها

<<  <  ج: ص:  >  >>