البحيرة» ويأخذها السدنة في أي وقت؛ لأنهم لا يرديون تخزين اللحوم، يريدونها حية ليذبحوها في الوقت الذي يتراءى لهم، ولذلك قال الحق:{مَا جَعَلَ الله مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ}[المائدة: ١٠٣]
والبحيرة - إذن - هي الناقة التي تبحر آذاتها - أي تشق - فذلك يعني أنها جاءت بأربعة أبطن تباعاً ثم جاءت بالذكر في البطن الخامسة ويهبها صاحبها للأصنام. والبحيرة سائبة مع وجود سائبة أخرى، وهي وإن لم تأت بأربعة أبطن ولا بالذكر في البطن الخامسة ولكن صاحبها يقدمها نذراً أو هدية لأحد الأصنام. وتسمى «سائبة» لأن أحداً لا يقوم على شأنها، ولكنها ترعى في أي أرض وتشرب من أي ماء ولا أحد يأخذ من لبنها أو يركبها، ويأخذها السدنة وقت احتياجهم للحم الطازج الغضّ. وإذا ولدت الشاة أنثى جعلوها لهم، وإن ولدت ذكرا جعلوه لآلهتهم، وإن ولدت ذكرا وأنثى لم يذبحوا الذكر لآلهتهم وقالوا عن الشاة: وصلت أخاها فهذه هي الزصيلة؛ لأن الناس كانت تحتفظ بالإناث من البهائم فهي وعاء النسل؛ لذلك فهبة الفحل للسدنة كان أمراً مقدوراً عليه. ويقول الشاعر:
وإنما أمهات القوم أوعية ... مستحدثات وللأحساب آباء
ونرى في المزارع أن إناث المواشي تحتاج إلى فحل واحد؛ وقد يكون في البلدة كلها فحل واحد أو اثنان لإناث الماشية من النوع نفسه، ويفرح الأطفال في الريف حين تلد الماشية ذكراً؛ لأنه سيتغذى قليلاً ثم يتم ذبحه ويأكلون منه. ويغضب الأطفال حين تلد الماشية أنثى لأنه سيتم تربيتها، ولن يأكلوا منها.
أي أنهم قديماً عندما كانت الماشية تلد في بطن واحد أنثى وذكراً لا يذبحون الذكر ويقولون: الأنثى وصلت أخاها ويضمن الذكر حياته ويستخدم كفحل ليلقح بقية الإناث، ويقال عنها: الوصيلة.
هكذا نجد البحيرة هي الناقة التي أنجبت خمسة أبطن آخرها ذكر، والسائبة وهي النذر من أول الأمر، والوصيلة وهي التي ولدت أنثى ومعها ذكر، فيقال وصلت الأنثى أخاها، أي قدمت له الحماية. والحام هو الذكر الذي نتجت من صلبه عشرة