للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نظائره، وقد نجد في القرآن نفسه ما يفسر القرآن نفسه، فالحق يقول هنا: {فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله} ، وفي موقع آخر يقول: {أَلاَ لَهُ الخلق والأمر} [الأعراف: ٥٤]

والخلق المعروف نراه في الكائنات، وهناك ما لا نراه أيضاً، والأمر مقصود به قوله الحق: {كُن فَيَكُونُ} [يس: ٨٢]

وآية أخرى تقربنا أكثر من هذا الموضوع: {فِطْرَتَ الله التي فَطَرَ الناس عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله} [الروم: ٣٠]

وهذا يعني أن الخلق كله على أصل الفطرة. فإذا ما حاول أحد أن يغير الفطرة فهذا تغيير لخلق الله. ما الفطرة إذن؟ . إنها الصفاء الأوليّ في النفس والطبيعة. ومثال ذلك حين يوجد الإنسان في بيئة لا تكذب فلن يعرف في حياته الكذب. وعندما يوجد الإنسان في بيئة لا تسرق فلن يعرف ما السرقة؛ فالإنسان إنما يتعرف على الموبقات من النقص المجتمعي، بدليل أن البلدان التي طبقت الشريعة الإسلامية وتم قطع عدد قليل من الأيدي عقوبة وحداً في السرقة انتهت فيها السرقة.

ونشأ جيل لم ير سارقاً. ومن يترك شيئا في مكان ما يظل في مكانه إلى أن يعود صاحبه ليجده، هذه هي الفطرة السليمة، ودليلنا على أن الفطرة سليمة بطبيعتها هو أننا نجد أن الذي يحاول صنع أمر ما يخالف الفطرة إنما يتلصص ويستتر؛ لأنه يعرف أن هذا الأمر غير سليم.

لقد ضربت المثل على ذلك بالرجل حين ينظر إلى زوجته، إنّه ينظر بكل ملكاته، أما إن نظر - والعياذ بالله - إلى محارم غيره فهو يتلصص ليختلس النظر بعيداً عن الآخرين. فالإنسان حين يرتكب إثماً يتكلف شيئاً متنافراً ومغايراً لطبيعته. والتكلف هو الإتيان بشيء خارج عن الفطرة الإنسانية. وتغيير كل ما يتعلق بالفطرة هو تغيير لخلق الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>