للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد كان من الممكن أن يأخذهم الله بهذا الذنب ويهلكهم كما حدث بالنسبة للأمم السابقة. . أما وقد شرع الله لهم أن يتوبوا. فهذا فضل من الله وعفو. . ثم يقول الحق تبارك وتعالى: {فاقتلوا أَنفُسَكُمْ} . . فانظروا إلى دقة التكليف ودقة الحيثية في قوله تعالى: {فتوبوا إلى بَارِئِكُمْ فاقتلوا أَنفُسَكُمْ} الله سبحانه وتعالى يقول لهم. . أنا لم أغلب عليكم خالقا خلقكم أو آخذكم منه. . ولكن أنا الذي خلقتكم. ولكن الخالق شيء والبارئ شيء آخر. . خلق أي أوجد الشيء من عدم. . والبارئ أي سَوَّاهُ على هيئة مستقيمة وعلى أحسن تقويم. . ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى: {الذي خَلَقَ فسوى والذي قَدَّرَ فهدى} [الأعلى: ٢ - ٣]

ومن هنا نعرف أن الخلق شيء والتسوية شيء آخر. . بارئكم مأخوذة من برئ السهم. . وبرئ السهم يحتاج إلى دقة وبراعة.

وقوله تعالى: {فاقتلوا أَنفُسَكُمْ} لأن الذي خلقك وسواك كفرت به وعبدت سواه. فكأنك في هذه الحالة لابد أن تعيد له الحياة التي وهبها لك. . وعندما نزل حكم الله تبارك وتعالى. . جعل موسى بني إسرائيل يقفون صفوفا. وقال لهم أن الذي لم يعبد العجل يقتل من عبده. . ولكنهم حين وقفوا للتنفيذ. كان الواحد منهم يجد ابن عمه وأخاه وذوي رحمه أمامه فيشق عليه التنفيذ. . فرحمهم الله بأن بعث ضبابا يسترهم حتى لا يجدوا مشقة في تنفيذ القتل. . وقيل أنهم قتلوا من أنفسهم سبعين ألفا.

وعندما حدث ذلك أستصرخ موسى وهارون ربهم. . وقالا البكية البكية. أي أبكوا عسى أن يعفو الله عنهم. ووقفوا يبكون أمام حائط المبكى فرحمهم الله. .

وقوله تعالى: {فاقتلوا أَنفُسَكُمْ} لأن هذه الأنفس بشهوتها وعصيانها. . هي التي جعلتهم يتمردون على المنهج. .

إن التشريع هنا بالقتل هو كفارة الذنب. لأن الذي عبد العجل واتخذ إلها آخر غير الله. كونه يقدم نفسه ليقتل فهذا اعتراف منه بأن العجل الذي كان يعبده

<<  <  ج: ص:  >  >>