حواف وجوانب وأطراف، وتفسد البئر إذا جاء أحد لهذه الحوافي وأزاح ما فيها من الأتربة ليطمر البئر.
ومن يرد استمرار صلاح البئر فهو يتركها كما هي وبذلك يترك الصالح على صلاحه. وإن شاء إنسان أن يطمح إلى عمل مسعد ممتع له ولغيره فهو يعمل ليزيد الصالح صلاحاً. . كأن يأتي إلى جوانب البئر ويبني حولها جداراً من الطوب كي لا يتسلل التراب إلى الماء أو على الأقل يصنع غطاءً للبئر، فإن طمح الإنسان اكثر فهو يفكر في راحة الناس ويحاول أن يوفر عليهم الذهاب إلى البئر ليملأوا جِرارهم وقِرَبهم فيفكر في رفع المياه بمضخة ماصة كابسة إلى صهريج عال، ثم يخرج من هذا الصهريج الأنابيب لتصل إلى البيوت، فيأخذ كل واحد المياه وهو مرتاح، إنه بذلك يزيد الصالح صلاحاً.
أما إن أراد الإنسان أن يطمح إلى ممتع دون عمل. . فهذه هي الأماني الكاذبة. ولو ظل إنسان يحلم بالأمنيات ولا ينفذها بخطة من عمل. . فهذه هي الأماني التي لا ثمرة لها سوى الخيبة والتخلف.
إذن فالأمنية هي أن يطمح إنسان إلى أمر ممتع مسعد بدون رصيد من عمل. ونعلم أن الحق سبحانه وتعالى أعطانا من كل شيء سببا، ولنلحظ أن الحق قد قال:{فَأَتْبَعَ سَبَباً}[الكهف: ٨٥]
أي أن الإنسان مطالب بأن يصنع أشياء تًرَقِّي أساليب الحياة في الأرض، فالله ضمن للإنسان الخليفة مقومات الحياة الضرورية، وعندما يريد الإنسان الترف والتنعم فلا بد أن يكدح. ومثال ذلك: لقد أعطى الحق الإنسان المطر فينزل الماء من السماء، وينزل ماء المطر في مجارٍ محددة، حفرها المطر لنفسه، وقد يكون في كل مجرى تراب من صخور أو طمي؛ لذلك يقوم الإنسان بترويق المياه، ويرفعها في صهاريج لتأتيه إلى المنزل، وبدلاً من أن يشربها بيده من النهر مباشرة، يصنع كوباً جميلاً. وصنع الإنسانُ الكوبَ في البداية من الفخار، ثم من مواد مختلفة كالنحاس ثم البللور. وهكذا نجد أن كل ترف يحتاج إلى عمل يوصل إليه، فليست المسألة بالأماني.