لا تنتظر أيها الرجل ولا تنتظري أيتها المرأة إلى أن يقع الخلاف، فما أن تبدو البوادر فعليكما بحل المشكلات، فليس هناك أحد قادر على حل المشكلات مثلكما؛ لأنه لا يوجد أحد بينه وبين غيره من الروابط والوشائج مثل ما بين الرجل وزوجته؛ لذلك قال سبحانه:{فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً} .
إننا في بعض الأحيان نجد الصلح يأخذ شكلية الصلح، أما موضوع الصلح وهو إنهاء الجفوة والمواجيد النفسية فقد لا يوجد، والذي يعرقل الصلح هو أننا نقوم بالشكلية ولا نعالج الأسباب الحقيقية المدفونة في النفوس، والتي تتسرب إلى موضوعات اخرى؛ لذلك يجب أن يكون الصلح، ويتم بحقيقته كقول الله تعالى:{أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً والصلح خَيْرٌ} وعندما تتراضى النفوس يعم الخير على الزوجين وعلى المجتمع.
وبعد ذلك يتابع الحق:{وَأُحْضِرَتِ الأنفس الشح وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} . يوضح لنا سبحانه: أنا خالقكم وأعلم طبائعكم وسجاياكم وأعلم أنني عندما أطلب من المرأة أن تتنازل عن شيء من نفقتها كمهرها أو هدية الخطبة الأولى «الشبكة» ، أو أن تتنازل له عن ليلتها لينام عند الزوجة الأخرى. وأعلم أن هذا قد يصعب على النفس، وكذلك يصعب على الرجل أن يتنازل عن مقاييسه، إياكم أن يستولي الشح على تصرفاتكم بالنسبة لبعضكم البعض. وجاء الحق في آية وقال:{وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أفضى بَعْضُكُمْ إلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً}[النساء: ٢١]
وهنا يقول:{وَأُحْضِرَتِ الأنفس الشح وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} وهناك فرق بين الحقوق التي قد يتمسك بها أحد الزوجين، والإحسان الذي يَتطوع به. ونعرف ما فعله قاضٍ فاضل عندما قال لخصمين: أأحكم بينكما بالعدل أو بما هو خير من العدل؟
فسأل واحد: وهل هناك خير من العدل؟ فقال القاضي: نعم إنه الفضل. فالعدل إعطاء الحق فقط، والفضل ان يتنازل الإنسان عن حقه بالتراضي لأخيه.