بكتاب مع الرسول، وأن تؤمن بما يقوله الله عن خلق لا تستطيع أن تدركهم كالملائكة. وهذا الأمر بالإيمان هو مطلوب من أهل الكتاب لأنهم آمنوا برسلهم، ويطلب منهم أن يؤمنوا برسول الله وبما أُنزل عليه.
ويترك الحق سبحانه وتعالى لخلقه أن يكتشفوا وجوداً لكائنات لم تكن معلومة لأنهم حُدِّثوا بأن في الكون كائنات أبلغنا الله بوجودها ولا ندركها وهم الملائكة. - إذن - فالدليل عندهم يحثهم ويدفعهم إلى الكشف والبحث.
والمثال على ذلك الميكروب الذي لم تعرفه البشرية إلا في القرن السابع عشر الميلادي، وكان الميكروب موجوداً من البداية، لكننا لم نكن ندركه، وبعد أن توصلت البشرية إلى صناعة المجاهر أدركناه وعرفنا خصائصه وفصائله وأنواعه، ومازالت الاكتشافات تسعى إلى معرفة الجديد فيه، هو جديد بالنسبة لنا، لكنه قديم في وجوده.
ومعنى ذلك أن الله يوضح لنا: إذا حُدثَت أيها الإنسان من صادق على أن في الكون خلقاً لا تدركه أنت الآن فعليك بالتصديق؛ فقبل اكتشاف الميكروب لو حدث الناسَ أحدٌ بوجود الميكروب في أثناء ظلام العصور الوسطى لما صدقوا ذلك، على الرغم من أن الميكروب مادة من مادة الإنسان نفسها لكنه صغير الحجم بحيث لا توجد آلة إدراك تدركه. وعندما اخترعنا واكتشفنا الأشياء التي تضاعف صورة الشيء مئات المرات استطعنا رؤيته، فعدم رؤية الشيء لا يعني أنه غير موجود.
فإذا ما حدثنا الله عن خلق الملائكة والجن والشيطان الذي يجري في الإنسان مجرى الدم، فهنا يجب أن يُصدق ويؤمن الكافر والملحد بذلك، لأنه يُصدق أن الميكروب يدخل الجسم دون أن يشعر الإنسان، وبعد ذلك يتفاعل مع الدم ثم تظهر أعراض المرض من بعد ذلك، وقد علم ذلك بعد أن تهيأت أسباب الرؤية والعلم. فإذا كان الله قد خلق أجناساً من غير جنس مادة الإنسان فلنصدق الحق: {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ آمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ والكتاب الذي نَزَّلَ على رَسُولِهِ