لقد أبلغتهم يا محمد أن الذي أنزل الكتاب عليك هو الحق سبحانه وتعالى الذي أنزل من قبلُ التوراةَ فأخفيتم بعضها وأظهرتم البعض الآخر، ثم بعد البلاغ اتركهم يخوضون في باطلهم.
وفي موقع آخر يتكلم الحق من الخوض:{يَحْذَرُ المنافقون أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ استهزءوا إِنَّ الله مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أبالله وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ}[التوبة: ٦٤ - ٦٥]
إذن الخوض هو الدخول في مائع، ومادمت قد دخلت في مائع فلن تجد فيه طريقاً محدداً بل يختلط المدخول عليه فلا تتميز الأشياء، وأخذ منه الخوض بالباطل أو الخوض باللعب الذي ليس فيه غاية.
{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكتاب أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ الله يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حتى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} .
وتأتي الكلمة التي ترهب المؤمن وترعبه:{إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ} أي إنكم إذا قعدتم معهم وهو يخوضون في آيات الله تكفرون مثلهم؛ لأنكم تسمعون الخوض في الدين بالباطل، ومن يرض بالكفر يكفر.
لقد أغطتنا الآية مرحلية أولية، فإذا ما كانت البيئة الإيمانية مجتمعاً ذاتياً متكافلاً فليس لأحد من المؤمنين أن يجالس الكافرين، ولا نواليهم إلا إذا والونا؛ لأن