من حرارة الشمس المحرقة. . ورزقهم بالمن والسلوى. . ثم يذكرهم بأنهم طلبوا طعام الأرض فاستجاب لهم.
في هذه الآية يقول الحق تبارك وتعالى:{فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً} . وفي آية أخرى يقول:{رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمْ} . الفرق في المعنى أن قوله تعالى:{حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً} تدل على أن هناك أصنافاً كثيرة من الطعام.
{ورَغَداً حَيْثُ شِئْتُمْ} يكون هناك صنف واحد والناس جائعون فيقبلون على الطعام. . عندما يقول الحق جل جلاله: كلوا رغداً يكون المخاطب هنا نوعين: إنسان غير جائع ولذلك تعد له ألوانا متعددة من الطعام لتغريه على الأكل. . فتقدم في هذه الحالة «حيث شئتم» فيقال: {فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً} . . فإذا كان الإنسان جوعان يرضى بأي طعام. . فيقال رغدا حيث شئتم.
إن المسألة في القرآن الكريم ليست تقديما وتأخيراً في الألفاظ. . ولكن المعنى لا يستقيم بدون هذا التغيير. . قوله تعالى {ادخلوا هذه القرية} . . والقرية هي هنا بيت المقدس أو فلسطين أو الأردن. . الحق تبارك وتعالى يقول:{وادخلوا الباب سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ المحسنين} . .
والحق جل جلاله حين خاطبهم بين لنا أنهم لم يكونوا في حالة جوع شديد بحيث يأكلون أي شيء فقال:{فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً} أي ستجدون فيها ألوانا كثيرة من الطعام تغريكم على الأكل ولو لم تكونوا جائعين.
وقوله تعالى:{وادخلوا الباب سُجَّداً} . . أي ادخلوا الباب وأنتم في منتهى الخضوع. . {وَقُولُواْ حِطَّةٌ} أي حط عنا ذنوبنا يا رب. . غير أنهم حتى في الأمر يغيرون مضمونه. . ويلبسون الحق بالباطل. . وهذه خاصية فيهم. . ولذلك دخلوا الباب وهم غير ساجدين. . دخلوه زاحفين على ظهورهم. . مع أن ما أمرهم الله به أقل مشقة مما فعلوه. . فكأن المخالفة لم تأت من أن أوامر الله شاقة. . ولكنها أتت من الرغبة في مخالفة أمر الخالق وبدلا من أن يقولوا حطة. أي حط عنا يا رب ذنوبنا قالوا حنطة والحنطة هي القمح. . ليطوعوا اللفظ لأغراضهم. . فكأن المسألة ليست عدم قدرة على الطاعة ولكن رغبة في المخالفة.
ومع أن الحق تبارك وتعالى وعدهم بالمغفرة والرحمة والزيادة للمحسنين. .