وهو ليس معها؛ بل يعلن الكافر كفره منسجماً مع نفسه، لكن المنافق مذبذب خسيس في وضعه الإنساني والرجولي.
{مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلك لاَ إلى هؤلاء وَلاَ إِلَى هؤلاء وَمَن يُضْلِلِ الله فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} .
والله لا يضل عبداً بشكل مباشر؛ فسبحانه يُعلم خلقه أولاً بالرسل والمنهج، لكنه يضل من يصر على عدم الإيمان، لذلك يتركه على ضلالة وعماه. صحيح أن في قدرة الله أن يأخذه إلى الإيمان قهراً، لكنه سبحانه يترك الإنسان لاختياره.
فإن أقبل الإنسان على الله فسبحانه يعينه على الهداية، أما إن لم يقبل فليذهب إلى تيه الضلال. ويزين له الدنيا ويعطيه منها لكنه لن يجد سبيلاً؛ فسبيل الله واحد. وليس هناك سبيلان.
ونذكر هذه الحكاية؛ لنعرف قيمة سبيل الله. كان الأصمعي - وهو مؤلف عربي له قيمة كبيرة - يملك أذناً أدبية تميل إلى الأساليب الجميلة من الشعر والنثر، ووجد الأصمعي إنساناً يقف أمام باب الملتزم بالكعبة المشرفة، وكان الرجل يدعو الله دعاء حاراً «يا رب: أنا عاصيك، ولولا أنني عاصيك لما جئت أطلب منك المغفرة، فلا إله إلا أنت، كان يجب أن أخجل من معصيتك ولكن ماذا أفعل» . وأعجب الأصمعي بالدعاء، فقال: يا هذا إن الله يغفر لك لحسن مسألتك.
ومن بعد ذلك يقول الحق:{يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ ... }