طلبوا السقيا. . ولقد وصلت ندرة الماء عند بني إسرائيل لدرجة أنهم لم يجدوا ما يشربونه. . لأن الإنسان يبدأ الجفاف عنده لعدم وجود ماء يسقي به زرعه. . ثم يقل الماء فلا يجد ما يسقي به أنعامه. . ثم يقل الماء فلا يجد ما يشربه. . وهذا هو قمة الجفاف أو الجدب. .
وموسى عليه السلام طلب السقيا من الله تبارك وتعالى. . ولا تطلب السقيا من الله إلا إذا كانت الأسباب قد نفدت. . وانتهت آخر نقطة من الماء عندهم؛ فالماء مصدر الحياة ينزله الله من السماء. . وينزله نقيا طاهرا صالحا للشرب والري والزرع وسقيا الأنعام. .
والحق سبحانه وتعالى جعل ثلاثة أرباع الأرض ماء والربع يابسا. . حتى تكون مساحة سطح الماء المعرضة للتبخّر بواسطة أشعة الشمس كبيرة جدا فتسهل عملية البخر؛ فإنك إذا جئت بكوب ماء وتركته في حجرة مغلقة لمدة يومين أو ثلاثة. ثم عدت تجده ناقصا قيراطا أو قيراطين. ولكن إذا أمسكت ما في الكوب من ماء وألقيته على أرض الحجرة. . فأنه يجف قبل أن تغادرها لماذا؟ . . لأن مساحة سطح الماء هنا كبيرة. . ولذلك يتم البخر بسرعة ولا يستغرق وقتا.
وهذه هي النظرية نفسها التي تتم في الكون. الله تبارك وتعالى جعل سطح الماء ثلاثة أرباع الأرض ليتم البخر في سرعة وسهولة. . فيتكون السحاب وينزل المطر نأخذ منه ما نحتاج إليه، والباقي يكون ينابيع في الأرض، مصداقا لقوله تبارك وتعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرض}[الزمر: ٢١]
هذه الينابيع تذهب إلى أماكن لا يصلها المطر. ليشرب منها الناس مِمّا نُسميه الآبار أو المياه الجوفية. . وتشرب منها أنعامهم. . فإذا حدث جفاف يخرج الناس رجالا ونساء وصبيانا وشيوخا. يتضرعون إلى الله ليمطرهم بالماء. . ونحن إذا توسلنا بأطفالنا الرضع وبالضعفاء يمطرنا الله.