إن انفجار الماء من ضربة العصا دليل على أن العصا أشارت فقط إلى الصخرة فتفجر منها الماء. . وحتى لو كانت العصا من حديد. . هل تكون قادرة على أن تجعل الماء ينبع من الحجر؟
فالحق سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلى أنه كان من الممكن أن ينزل الماء من السماء. . ولكن الله أرادها نعمة مركبة. . ليعلموا أنه يستطيع أن يأتي الماء من الحجر الصلب. . وأن نبع الماء من متعلقات «كن» .
هنا لابد أن ننظر إلى تعنت بني إسرائيل. قالوا لموسى هب أننا في مكان لا حجر فيه. من أين ينبع الماء؟ . . لابد أن نأخذ معنا الحجر حتى إذا عطشنا نضرب الحجر بالعصا. . ونسوا أن هناك ما يتم بالأسباب وما يتم بكلمة «كن» . . ولذلك تجد مثلا كبار الأطباء يحتارون في علاج مريض. . ثم يشفى على يد طبيب ناشئ حديث التخرج. . هل هذا الطبيب الناشئ يعرف أكثر من أساتذته الذين علموه؟ . . الجواب طبعا لا.
إن التلميذ لا يتفوق على أستاذه الذي علمه فليس العلاج بالأسباب وحدها ولكن بقدرة المسبب. . ولذلك جاء موعد الشفاء على يد هذا الطبيب الناشئ. . فكشف الله له الداء وألهمه الدواء.
يقول الحق سبحانه وتعالى:{فانفجرت مِنْهُ اثنتا عَشْرَةَ عَيْناً} لماذا اثنتا عشرة عينا. لأن اليهود كانوا يعيشون حياة انعزال. كل مجموعة منهم كانت تسمى «سبطا» لها شيخ مثل شيخ القبيلة. . والحق تبارك وتعالى يقول:{قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ} أي كل سبط أو مجموعة ذهبت لمشرب. . نبعت العيون من الحجر امتدت متشعبة إلى الأسباط جميعا كل في مكانه. . فإذا ما أخذوا حاجتهم ضرب موسى الحجر فيجف. ولذلك نعرف أن الحجر كان يعطيهم الماء على قدر الحاجة وكانت الجهة السفلى من الحجر الملامسة للأرض. . والجهة العليا التي ضرب عليها بالعصا لم ينبع منهما شيء، أما باقي الجهات الأربع فقد نبع منها كل منها ثلاثة ينابيع.
وهناك شيء في اللغة يسمونه اللفظ المشترك. . وهو الذي يستخدم في معانٍ متعددة. . فإذا قلت سقى القوم دوابهم من العين. . العين هنا عين الماء. . وإذا قلت أرسل الأمير عيونه في المدينة يعني أرسل جنوده. . وإذا قلت اشتريته