الشرع معنى الصلاة واصطلح على أن كلمة الصلاة حين يطلقها الفقيه تنصرف إلى الأقوال والأفعال المخصوصة المبتدأة بالتكبير والمختتمة بالتسليم.
وفي هذا المعنى الشامل للصلاة نجد سيدنا عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - وقد دخل عليه حذيفة فسأله: كيف أصبحت؟ . أجاب حذيفة: أصبحت أحب الفتنة وأكره الحق وأصلي بغير وضوء ولي في الأرض ما ليس في السماء. وغضب سيدنا عمر، ولولا دخول سيدنا علي بن أبي طالب لكان لسيدنا عمر شأن آخر مع حذيفة.
وسأل عليٌّ عمر: ما يغضبك يا أمير المؤمنين؟ . قال عمر: سألت حذيفة كيف أصبحت فقال كذا وكذا. فقال علي - كرم الله وجهه -: نعم يا أمير المؤمنين، أصبح يحب الفتنة، أي يحب ماله وولده، فالحق قال:{إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ} ، وهو يكره الموت والموت حق من فينا يحبه يا أمير المؤمنين؟ وهو يصلي بغير وضوء على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وله في الأرض زوجة وله ولد وهو ما ليس لله في السماء.
إذن فقد أخذ حذيفة الفتنة على معنى مخصوص، وكذلك الموت، والصلاة. وضربت هذالمثل لأفرق بين المعاني الشرعية والمعاني اللغوية.
ونوضح الفارق بين معنى الوحي الاصطلاحي والمعنى اللغوي، المعنى اللغوي للوحي هو: إعلام بخفاء من أيّ لأيّ بأي. والوحي بمعناه الشرعي: إعلام بخفاء من الله لرسوله. وكل الألوان الأخرى من الوحي نأخذها بالمعنى اللغوي.
وقوله الحق هنا في الآية التي نحن بصددها:{إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إلى نُوحٍ} . و «أوحينا» هنا قد جاءت للإعلام بخفاء من الله لرسول من رسله. ونعلم أن صفات الكمال للحق سبحانه وتعالى هي صفات الكمال المطلق. وكل الخلق مقدورون لقدرته سبحانه. ولا يمكن لأحد أن يتصل اتصالاً مباشراً بالأعلى المطلق. ولا يستطيع أحد أن يتحمل ذلك حتى الرسول. ولذلك يأتي الحق بنورانيَّين من الملائكة ليأخذوا منه ليعطوا للرسول. ويسبق ذلك إعداد الرسول لهذه المهمة.