الطلاب. ونقول لمن يرددون ذلك: أنتم لا تفهمون طبيعة التعليم الديني؛ فتعليم الدين لا يمكن أن يتساوى مع تعليم الجغرافيا أو الهندسة وغيرهما من العلوم؛ لأننا عندما نعلم طالباً الهندسة فهو يستطيع أن يكون عالماً متفوقاً فيها ويأخذ المعطيات والنظريات ويتفوق في المجال الهندسي، ولكن لم تطلب منه أية نظرية هندسية أن يعدل سلوكه في الحياة بأن ترشده في السلوك اليومي: افعل كذا ولا تفعل كذا.
فالنظريات الهندسية لا تتدخل في حياة الطلاب، لكن الطالب عندما يتعلم الدين إنما يتعلم أن يفعل الأمر الديني، ولا يفعل الأشياء المنهي عنها. والصعب في التعليم الديني هو التطبيق العملي. عندما لا يرى التلميذ التطبيق العملي من الذين يعلمونه الدين أو من الأسرة، فإنه لا يتعلم الدين، فيقال للطالب: الدين ينهى عن الكذب، لكن الطالب يجد الكذب سلعة رائجة في المجتمع. ويقول الدين له: الصلاة عماد الدين وتنهى عن الفحشاء والمنكر، ولا يجد الطالب من يصلي أمامه أو يجد من يصلي ولا يقيم عمارة الدين باتباع ما تأمر به الصلاة من نهي عن المنكر، إذن ففشل التعليم الديني لا يأتي من ناحية غياب المعلم ولكن من عدم وجود التطبيق العملي للسلوك الديني.
ونعود للقص القرآني. جاء القصص ليوضح لنا التطبيق للجانب النظري من الدين، وطبَّقهُ الرسل على أنفسهم. وأنتم يا أمة الإسلام لستم أقل من أحد، بل أنتم خير أمة أخرجت للناس، وعليكم أن تأخذوا الخير الذي حدث في موكب الرسالات كلها وتطبقوه في ذواتكم.
هذا هو معنى قوله الحق:{وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} . وقد جاء لنا القرآن بعيون القصص حتى نأخذ منها لقطات العبرة. ويقول قائل: ومن هو الرسول؟
يقول العلماء: هناك رسول وهناك نبي. وأقام بعضهم مشكلة حول هذا الأمر، فقال بعضهم: كل رسول نبي ولا عكس. ونقول لأصحاب هذا الرأي: لو نظرنا إلى المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي لأرحنا أنفسنا جميعاً، فالقرآن يقول:{وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ}[الحج: ٥٢]