وهم يقولون:«إله واحد» ، ومرة أخرى يقولون:«إله أحد» . وواحد لا تساوي «أحد» والدارسون للغة والمنطق يعرفون أن هناك شيئاً اسمه «الكل» وشيئاً اسمه «الجزء» وشيئاً اسمه «الكلي» وشيئاً اسمه «الجزئي» .
«فالكلي» يطلق على ماله أفراد مثل الإنسان: كخالد ومحمد وعليّ، و «الكل» يُطلق على ماله أجزاء، مثال ذلك الكرسي نجده مكوناً من أشياء؛ كالخشب والغراء والمسامير وغير ذلك من مواد.
فالكرسي - إذن - «كُلٌّ» لأنه مصنوع من مواد كثيرة. وحقيقة الخشب تختلف عن حقيقة المسمار؛ لذلك فالكرسي «كُلٌّ» لأنه مكون من أشياء كثيرة مختلفة الحقائق. ولا يصح أن نطلق على أي شيء من مكونات الكرسي اسم «كُل» . فلا نقول:«المسمار كرسي» أو «الخشب كرسي» ؛ لأن الكرسي يُطلق على مجموع الخشب والمسامير والغراء والطلاء في شكل وترتيب معين.
ومثال آخر، كلمة «إنسان» وهي كلمة تطلق على كثيرين، ولأن الحقائق متفقة نطلق على الإنسان كلمة «كُلّي» .
ويصح أن نطلق على أي كائن يتمتع بالصفات المتفق عليها للإنسان لقب إنسان، فنقول محمد إنسان وزيد إنسان، وعليٌّ إنسان. «فالكل» له أجزاء، ولل «كلي» جزئيات، ويكون الكل شيئا واحداً ولكنه ذو أجزاء، فقد يكون عندنا كرسي واحد. ولكن لهذا الكرسي أجزاء.
وهل نقول على الحق سبحانه وتعالى: انه «كل» أو «كلي» ؟ . لا نقول على اسم الحق «كل» أو «كلي» ؛ لأنه اسم لا يطلق على كثيرين فليس كليا لأنه واحدٌ، وليس له أجزاء؛ لأنه أحد، وليس له أفراد لأنه واحد. فلا يقال لله سبحانه وتعالى «كل» أو «جزء» أو «كلي» أو «جزئي» ، فلو كان كُلٍّياً لكان - كما قلنا - له أفراد ولو كان «كُلاًّ» لكان له أجزاء، ولكن الله واحد لا أفراد له، وأحد لا أجزاء له.
ولذلك يَرُدُّ القرآن على أي قائل بغير هذا، فيقول:{قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ}[الإخلاص: ١]