الجاهلية وأقرها، ووجد أشياء قام بتغييرها؛ ولم يرد الصحابة أن يصنعوا الأشياء على أنّها امتداد لصنع الجاهلية، بل أرادوا أن يصنعوها على أنها حكم للإسلام؛ لذلك جاءت أسئلتهم الكثيرة. والفتوى تكون في حكم. والسؤال يكون في حكم وفي غير حكم. وهم يطلبون الفتوى في الكلالة، ودقة القرآن في إيجاز السؤال:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِي الكلالة} وقد تقدم من قبل الحديث عن الكلالة: {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً}[النساء: ١٢]
إلا أن الذي تقدم هناك كان عن الصلة من ناحية الأم، وسؤال جابر بن عبد الله كان عن الصلة من ناحية الأب.
فعن جابر بن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - قال:
(مرضت مرضا فأتاني النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأبو بكر وهما ماشيان فوجداني أغمي عليّ، فتوضا النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثم صبّ وَضوءه عليّ فأفقت فإذا النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقلت يا رسول الله كيف أصنع في مالي؟ كيف أقضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية الميراث «.
وفي رواية أخرى عن الإمام أحمد فقلت: إنه لا يرثني إلا كلالة، فكيف الميراث؟ فأنزل الله آية الفرائض. وبعض العلماء قال: إن كلمة» كلالة «مأخوذة من كلال التعب؛ لأن الكلالة في الشرع هو من ليس له ولد ولا والد، والإنسان بين حياتين؛ حياة يعولها والد، وعندما يكبر ويضعف تصير حياته يعولها ولد؛ لذلك فالذي ليس له والد ولا ولد يعيش مرهقاً؛ فليس له والد سبق بالرعاية، وليس له ولد يحمله في الكبر؛ لذا سمي بالكلالة.
وبعضهم قال: إنها من الإكليل؛ أي التاج. وهو محيط بالرأس من جوانبه والمقصود به الأقارب المحيطون بالإنسان وليس لهم به صلة أعلى أي من الآباء، أو من أدنى أي من الأبناء.