العبد، لكن الواقع أنه سبحانه قيد حركة الناس كلها من أجل هذا العبد، وأمرهم ألا ينظروا إلى محارم غيرهم.
إذن ساعة ترى أيها المسلم نهياً أمر به الله، فلا تصب النهي عليك. ولكن صب النهي أيضا على كل الناس بالنسبة لك. وساعة يقول الحق:{يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ الله} أي لا تجعلوا شعائر الله حلالاً. والشعائر هي معالم الدين كلها. ونقول «هذه الدولة شعارها النسر» معنى ذلك أننا إذا رأينا الشعار نعرف البلد. وكذلك أعلام الدول، فهذا علم لمصر، وذاك علم لانجلترا، وثالث علم لفرنسا، وكل محافظة في مصر - على سبيل المثال - تضع لنفسها شعاراً وعلماً، إذن فالشعار هو المَعْلَم الذي يدل على الشيء. وشعائر الله هي معالم دين الله المتركزة في «افعل» و «لا تفعل» زماناً ومكاناً، عقائد وأحكاماً.
لكن الشعائر غلبت على ما نسميه مناسك الحج، وأول عملية في مناسك الحج هي الإحرام، أي لا نهمل الإحرام. ومن شعائر الحج الطواف، فلا تحل شعائر الله، ووجب عليك أن تطوف حول البيت، وكذلك السعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفات، ورمي الجمار، كل هذه شعائر الله التي أمر ألا يحلها المؤمنون، أي أمر - سبحانه - ألا يتهاونوا فيها؛ لأن هذه الشعائر هي الضابط الإيماني. وأن ننظر إلى أن أمر الله لكل حاج أو معتمر بالإحرام هو أمر بالعزلة لبعض الوقت عن النعمة؛ لأن الإنسان يذهب للحج في رحلة إلى المنعم. وأن الإنسان يغير ملابسه بملابس موحدة ولا يتفاضل فيها أحد على أحد؛ لأن الناس في الحياة اليومية تتفاضل بهندامهم، وتدل الملابس على مواقعهم الاجتماعية.
وعندما يخلعون جميعاً ملابسهم ويرتدون لباساً جديداً موحداً، تكون السمة المميزة هي إعلان الولاء لله.
وكذلك عندما يأتي الأمر بألا يقص الإنسان شعرة منه سواء أكان عظيماً في مجتمعه أم فقيراً ويتراءى الناس جميعاً وينظر بعضهم إلى بعض فيجدون أنهم على سواء على الرغم من اختلاف منازلهم وأقدارهم وتكون ذلة الكبير مساوية لذلة الصغير. وذلك انضباط إيماني لا بين الإنسان والمساوي له، ولكنه الانضباط مع الكون كله، بكل أجناسه. فالشجرة بجانب الحرم محرم على كل إنسان أن يقطعها أو يقطع جزءا منها. وبذلك يأمن النبات في الحرم، وكذلك الحمام والحيوانات وأيضاً يأمن