إذن هم لم يتبينوا أنهم ناموا ثلاثمائة عام وتسعة أعوام إلا بعد أن سألوا، وكذلك من يموت فهو لن يدري كم مات إلا يوم البعث. أو أنه سبحانه سريع الحساب أي أن له حساباً قبل حساب الآخرة، وهو حساب الدنيا. فعندما يرتكب العبد المخالفات التي نهى عنها الله، ويأكل غير ما حلل الله، فهو سبحانه قادر على أن يجازي العبد في الدنيا في نفسه بالأمراض أو التعب أو المرض النفسي، ويقف الأطباء أمام حالته حائرين. وقوله الحق:{إِنَّ الله سَرِيعُ الحساب} يصح ان تكون السرعة في الحساب في الدنيا ويصح أن تكون في الآخرة.
أو أنه سبحانه سريع الحساب بمعنى أنه يحاسب الجميع في أقل من لمح البصر، فالبعض يظن ظناً خاطئاً أنهم سيقفون يوم القيامة في طابور طويل ليتلقى كل واحد حسابه. لا، هو سبحانه يحاسب الجميع بسرعة تناسب طلاقة قدرته. ولذلك عندما سئل الإمام علي - كرم الله وجهه -: كيف سيحاسب الله كل الناس في وقت واحد ويقال إن مقداره كنصف يوم من أيام البشر؟ . فقال الإمام علي: فكما يرزقهم جميعاً في وقت واحد هو قادر على حسابهم في وقت واحد.
فسبحانه لم يجعل البشر تقف طابورا في الرزق، بل كل واحد يتنفس وكل واحد يأكل، وكل إنسان يسعى في أرض الله لينال من فضله. ولا أحد بقادر على أن يحسب الزمن على الله؛ لأن الزمن إنما يُحسب على الذي يحدث الحدث وقدرته عاجزة، لذلك يحتاج إلى زمن.
إننا عندما ننقل حجراً متوسط الحجم من مكانه فإن ذلك لا يكلف الرجل القوي إلا بعضاً من قُوَّته، لكن هذا العمل بالنسبة لطفل صغير يحتاج إلى وقت طويل، فما بالنا بخالق الإنسان والكون؟ وما بالنا بالفاعل الذي هو قوة القوى؟ هو لا يحتاج إلى زمن، وهو سريع الحساب بكل المعاني.