الناس، أي أخذ منهم عهداً على أن ينفذوا مطلوبات الله، ألم يأخذ الرسول عهداً في العقبة حين قالوا له:
خذ لنفسك ولربّك ما أحببت.
فتكلم - رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فتلا القرآن ودعا إلى الله ورغّب في الإسلام ثم قال:«أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم» فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: نعم والذي بعثك بالحق لنمنعنّك مما نمنع منه أُزُرنا فبايعنا يا رسول الله فنحن أبناء الحرب وأهل الحلقة (السلاح) ورثناها كابرا عن كابر.
وحدث هذا - أيضا - عند بيعة الرضوان تخت الشجرة. إذن فمعنى «واثقكم به» إما أن يكون العهد العام الإيماني في عالم الذر، وإما أن يكون العهد الإيماني الذي جاء بواسطة الرسل.
{وَمِيثَاقَهُ الذي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} وحين يؤمن الإنسان يقول: سمعت وأطعت، وهكذا تنتهي مسألة التعاقد. ويتبع الحق ذلك بقوله:{واتقوا الله إِنَّ الله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} . واتقوا أي اجعلوا بينكم وبين صفات الجلال من الله وقاية، فالمطلوب منا أن نلتحم بمنهج الله إلتحاما كاملا، وعلينا كذلك أن نجعل بيننا وبين صفات غضب الله وقاية. وعرفنا أن قوله الحق:«اتقوا الله» متساوٍ مع قوله: «اتقوا النار» ، وقد يقول قائل: وهل للنار أوامر ونواه؟
ونقول: أحسن الفهم عن ربك واجعل بينك وبين غضب الله وقاية، فالنار جند من جنود الله. وسبحانه يوضح: اجعلوا بينكم وبين صفات الجلال وقاية؛ لأن الحق له صفات جلال هي الجبروت والانتقام والقهر، وللحق صفات جمال فهو الغفور الرحيم المغني، الحكيم إلى غير ذلك من صفات الجمال، إذن فلنجعل بيننا وبين صفات الجلال وقاية تقينا من جنود صفات الجلال ومنها النار.
وقلنا من قبل: إن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أبلغنا أنه في الليلة الأخيرة من رمضان يتجلى الجبار بالمغفرة. والنظرة السطحية تتساءل: ولماذا لم يقل: يتجلى الغفار