أي أنها حياة ليستبقي يوسف أخاه معه. ولو استعمل قانون مصر في ذلك الزمن لما أخذ أخاه معه. وهذا كيد لصالح يوسف؛ لأن «اللام» تفيد الملكية أو النفعية. وأضاف إخوة يوسف قائلين:{قالوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ}[يوسف: ٧٧]
ولماذا قالوا ذلك؟ أصل هذه المسألة أن يوسف كان يحيا عند عمته. وعندما كبر وأرادوا أن يأخذوه أرادات العمة أن تستبقيه فدست في متاعه تمثالاً. أو منطقة كانت لها من أبيها إسحاق وادعت أنها فقدت ذلك؛ ففتشوا الولد فعثروا معه على الشيء الذي ادعت عمته سرقته فاستبقته بشرع بني إسرائيل. وكان جزاء السرقة في الشريعة هو الاسترقاق. ونُسِخ هذا الشرع وجاءت آية حد السرقة تأكيداً للنسخ.
وإن لم يكن قد نُسخ فهذه الآية هي بداية للنسخ. {والسارق والسارقة فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا جَزَآءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ الله والله عَزِيزٌ حَكِيمٌ} .
والسُّنة هي التي تبين لنا كيفية القطع، وكان القطع لليد اليمنى؛ لأنها عادة التي تباشر مثل ذلك العمل. وفي إحدى رحلاتي إلى أمريكا، حدثني أخ مسلم ضمن جماعة تحضر إحدى محاضراتي وقال: إن التَّيَمُّن يجب أن يكون في كل شيء، فلماذا يأكل البعض بيده اليسرى؟
قلت: إن هذه مسألة تكوينية بدليل أن بعض الناس أجهزتها تختلف، فليست المسألة ميكانيكية. وأضفت: إن من خيبة بعض الاختراعات البشرية أنها لا تخطئ كالحاسب الآلي. ولو كان ينتقي ويختار لأمكن أن يخطئ، أما العقل فهو يعرف الانتقاء. وقلن: إنني أطلب من السائل أن يقف. فلما وقف طلبت منه أن يتقدم جهتي فلما تقدم جهتي مَد رجله اليمنى، فقلت تعليقا على هذا:«إنه تكوين خلقي» . ولذلك فالذي عنده ولد تتأبى عليه يمينه فإياك أن تُرغِمه على ذلك لأن مثل هذه العملية أرادها الخالق لتَشُذّ في الخبق، ولتظهر قدرة الخالق.
فلا داعي لقهر الابن الذي تتأبَى عليه يَمينه؛ لأن العلماء قالوا إن مراكز السيطرة ليست في اليد ولكن في المخ. وقد أوجد الحق تلك الأمور في الكون حتى نفهم أن