وهذه السرعة من المؤمنين في تنفيذ التكاليف. . دليل على عشق التكليف. . لأنك تسارع لتفعل ما يطلبه منك من تحبه. . وقوله تعالى:{وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} . . يدلنا على أنهم حاولوا الإبطاء في التنفيذ والتلكؤ.
إننا لابد أن نلتفت إلى أن تباطؤ بني إسرائيل في التنفيذ خدم قضية إيمانية أخرى. . فالبقرة التي طلبها الله منهم بسبب عدم قيامهم بتنفيذ الأمر فور صدوره لهم بقرة نادرة لا تتكرر. . والمواصفات التي أعطيت لهم في النهاية. . لم تكن تنطبق إلا على بقرة واحدة ليتحكم صاحبها في ثمنها ويبيعها بأغلى الأسعار. .
والقصة أنه كان هناك في بني إسرائيل رجل صالح. . يتحرى الحلال في الرزق والصدق في القول والإيمان الحقيقي بالله. وعندما حضرته الوفاة كان عنده عجلة وكان له زوجة وابنهما الصغير. . ماذا يفعل وهو لا يملك سوى العجلة. اتجه إلى الله وقال: اللهم إني استودعك هذه العجلة لولدي، ثم أطلقها في المراعي.
. لم يوصِّ عليها أحداً ولكن استودعها الله. استودعها يد الله الأمينة على كل شيء. . ثم قال لامرأته إني لا أملك إلا هذه العجلة ولا آمن عليها إلا الله. . ولقد أطلقتها في المراعي. .
وعندما كبر الولد قالت له أمه: إن أباك قد ترك لك وديعة عند الله وهي عجلة. . فقال يا أمي وأين أجدها؟ . . قالت كن كأبيك هو توكل واستودع، وأنت توكل واسترد. . فقال الولد: اللهم رب إبراهيم ورب موسى. . رد إلي ما استودعه أبي عندك. . فإذا بالعجلة تأتي إليه وقد أصبحت بقرة فأخذها ليريها لأمه. . وبينما هو سائر رآه بنو إسرائيل. فقالوا إن هذه البقرة هي التي طلبها الرب. . وذهبوا إلى صاحب البقرة وطلبوا شراءها فقال بكم. . قالوا بثلاثة دنانير. . فذهب ليستشير أمه فخافوا أن ترفض وعرضوا عليه ستة دنانير. . قالت أمه لا. . لا تباع. . فقال الابن لن أبيعها إلا بملء جلدها ذهبا، فدفعوا له ما أراد. . وهكذا نجد صلاح الأب يجعل الله حفيظا على أولاده يرعاهم وييسر لهم أمورهم.