القسوة. . فكل صفة مخلوقة لمخلوق ومطلوبة لمهمة. . فالخطاف مثلا أعوج. . هذا العوج يجعله يؤدي مهمته على الوجه الأكمل. . فعوج الخطاف استقامة لمهمته. . وحين تفسد القلوب وتخرج عن مهمتها تكون أقسى من الحجارة. . وتكون على العكس تماما من مهمتها. .
ثم يقول الحق تبارك وتعالى:{وَإِنَّ مِنَ الحجارة لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنهار وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ المآء}[البقرة: ٧٤]
هنا يذكرهم الله لما رأوه من الرحمة الموجودة في الحجارة. . عندما ضرب موسى الحجر بالعصا فانفجرت منه العيون. وذلك مثل حسي شهدوه. يقول لهم الحق جل جلاله: أن الرحمة تصيب الحجارة فيتفجر منها الأنهار ويخرج منها الماء ويقول سبحانه: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ الله} . .
إذن فالحجارة يصيبها اللين والرحمة فيخرج منها الماء. ولكن قلوبكم إذا قست لا يصيبها لين ولا رحمة فلا تلين أبدا ولا تخشع أبدا. والله سبحانه وتعالى نزل عليكم التوراة وأعطاكم من فضله ورحمته وستره ومغفرته الكثير. . كان المفروض أن تلين قلوبكم لذكر الله.
ولكن ما الفرق بين تفجر الأنهار من الحجارة وبين تشققها ليخرج منها الماء؟ عندما تتفجر الحجارة يخرج منها الماء. نحن نذهب إلى مكان الماء لنأخذ حاجتنا. . ولكن عندما تتفجر منها الأنهار فالماء هو الذي يأتي إلينا ونحن في أماكننا. . وفرق بين عطاء تذهب إليه وعطاء يأتي إليك. . أما هبوط الحجر من خشية الله فذلك حدث عندما تجلى الله للجبل فجعله دكا. واقرأ قوله تعالى:{فَلَمَّا تجلى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسى صَعِقاً}[الأعراف: ١٤٣]