من شكل واحد أي متماثلان. وكلمة «يرتد» بها «دالان» وأصلها «يرتدد» . و «يرتد» بها مِثْلان والنطق بهما صعب. ولذلك حاول الناس في مثل هذه الحالة أن يدغموا مِثْلاً في مثل. ولذلك كان من اللازم أن نُسكن الحرف الأول من المثلين. والمفروض أن «الدال» الثانية ساكنة؛ لأن «مَن» شرطية جازمة. والدال الأولى أصلها بالكسر. ولا بد من الإدغام. والإدغام يقتضي إسمان الحرف الأول. إذن فمن أجل الإدغام نفعل ذلك.
ونحن نعلم أن الساكنين لا يلتقيان، وكان تسكين الحرف الأول لأنه ضروري للإدغام، أما الحرف الساكن الآخر فهو الطارئ. فنتصرف فيه، ولذلك نحركه بالفتح حتى نتخلص من التقاء الساكنين. ولذلك نقول:«من يرتد» بالفتح.
وجاء لي ذات مرة سؤال يقول: كيف يأتي القرآن ب «يرتد» بالنصب أي بالفتح؟ وقلت: إنها ليست «فتحة نصب» والسائل يفهم أن «مَن» إما اسم موصول، وإمَّا هي «مَن» الشرطية، فلو كانت اسماً موصولاً؛ لكان القول «من يرتدُ» - بالضم - وإن كانت «مَن» الشرطية لجاءت بالتسكين ولأن ما قبلها جاء ساكناً للإدغام تخلصنا من السكون بالفتحة وهي «فتحة» التخلص من ساكنين، لأنه - كما قلنا - لا يلتقي ساكنان.
والذي يُظهر لنا ذلك هو آية البقرة التي قال فيها الحق:«ومن يرتدد» بدليل أنه عندما عطف قال: «فيمت» بالجزم عطفا على يرتدد. أما السبب في أن جواب الشرط واضحٌ في آية المائدة أنه لم يأت فعل جوابي أو عطف، وجواب الشرط هو قول الحق:{فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} ويدل على ذلك دخول الفاء على كلمة سوف لكن لو كان الحق قد قال: من يرتد منكم عن دينه يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه كان يمكن الفهم بسرعة أن «مَن» شرطية، لأن كلمة «يأت» جاءت مجزومة بحذف آخرها، ومن هنا يتضح أن الفتحة في «يرتد» هي فتحة التخلص من التقاء الساكنين.
وما السبب في أن الحق يأتي بآية على هذا النسق، وآية أخرى على ذاك النسق؟ نحن نعلم أن القرآن قد نزل بلغة قريش. وكانت قريش تمتلك السيادة. ولم تكن