وعندما نحقق في هذا الموقف وحده نجد أن الجزاء يكون أفضل من العمل. وما الذي يجعل المؤمن يصلي على ميت مؤمن؟ إنه إيمان هذا الذي مات وإيمان من مات ملك له، وعلى ذلك فملكية المؤمن لإيمانه تمتد بعد أن يموت لتشمل صلوات ودعاء من صلوا عليه.
وذلك يدخل في فضل الله:{ذلك فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ والله وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[المائدة: ٥٤] .
وما دامت المسألة فضلاً من الله يشمل كل مؤمن فلا بد أن الحق عنده من السعة ما يعطي الكل. وسبحانه واسع عليم. والحديث القدسي يقول:«يا عبادي، لو أن أوّلكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم، قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر. يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه» .
إذن فخزائن الله ملأى لا تنفد، وسعة الحق مطلقة.
ولهذا نحن أيضاً نجد أن الحب في الله يزداد دائماً، فساعة نشاهد اثنين يتحابان في الله، فحبهما يزداد كل يوم؛ لأنه الحب في الله. أما إن كان الحب لأمر محدود فذلك الحب ينتهي ويترك كل منهما الاخر بانتهاء السبب لذلك الحب.
ولنأخذ قضية واضحة أمامنا: من كان يحب في الله فالحب لغير المحدود لا حدود له. ومن كان يحب في غير الله، فالحب هنا لمحدود ويرتبط طردا وعكسا بمدى الإثراء من هذا المحدود. ومن يحب لغرض من أغراض الدنيا يقيس ما يعطيه لمن يحب، فإن زاد ما يعطيه على ما يأخذه يحس بالخسارة. وعندما نتبادل الحب في الله فلا شيء ينقص عند الله أبداً؛ لأنه سبحانه يعطي الاثنين معاً اللذين يتحابان فيه. وسبحانه العليم أزلاً، وصاحب القدرة الذي يعطي كل إنسان المناط الذي يستحقه.