للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ينعكس على الحركة الإيمانية في الأرض، ويحقق الإيمانُ مع التقوى اتجاهَ الإنسان إلى الصالح من العمل. وأن يبتعد عن غير الصالح من العمل اتباعاً لقول الحق: {والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر} [العصر: ١ - ٣] .

ولذلك نجد قولاً لأحد العلماء الصالحين من العرب هو: إن الإيمان كالْعُمُد والأعمال كالأطناب. وعرف أن كل بيت له أساس من الأعمدة، وله أوتاد تثبته. والخيمة العربية هي بيت من القماش السميك على عمود من الخشب وتشد الخيمة إلى الأوتاد بحبال، وهذه الحبال هي الأطناب ولا تقوم الخيمة إلا إذا ربطت بأحبال وشدت إلى أوتاد. وكان العربي يفك هذه الخيمة، ويحملها على ظهر بعيره لينصبها في أي مكان. وكان العربي يختار القماش الذي إن نزل عليه المطر، يمتص الماء ويمنع سقوطه داخل الخيمة.

إذن فالإيمان عمود، والأعمال أطناب، وهكذا تكون دعوة الحق لأهل الكتاب حتى يؤمنوا ويتقوا الله حتى يكفر عنهم سئياتهم، والكفر - كما نعرف - هو الستر والتغطية والعفو هو محو الأثر، كأن الحق سيغطي على سيئاتهم ثم يمحو أثرها وذلك بأن يعفو عنها؛ لأن الإسلام إنما جاء رحمة يجب أن تستغل ليكفر الحق عن سيئاتهم التي ضللوا بها شعوبهم.

لقد كان من الواجب عليهم أن يعرفوا أن مجيء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هو فرصة للتراجع عن الكفر والبهتان. وقد جاء صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليقيم تصفية عقدية في الكون، فالملحد يجب عليه أن يتعرف على خالق الوجود ويؤمن به، والمبدل لمنهج الله ينبغي أن يعود إلى منهج الله. وتلك هي التصفية العقدية الشاملة.

ويقول الحق بعد ذلك: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التوراة ... }

<<  <  ج: ص:  >  >>